حج متمتعًا ولم يسع جهلًا

منذ 2018-08-29

حججت منذ سنتين متمتع، فاتميت العمرة وحللت وأحرمت وأديت مناسك الحج كلها، ماعدا سعي الحج عن جهل بالحكم وكنت بعد الحج والتحلل الاصغر قد نويت بالعمرة واحرمت من مسجد التنعيم واديت عمرة اخرى بعد الحج والان وبعد سنتين علمت انه وجوب السعي بعد طواف الافاضة فهل يجزئ سعى العمرة التى اديتها بعد الحج مباشرة عن سعى الحج

السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله

جزاكم الله خيرا حججت منذ سنتين متمتع، فاتميت العمرة وحللت وأحرمت وأديت مناسك الحج كلها، ماعدا سعي الحج عن جهل بالحكم وكنت بعد الحج والتحلل الاصغر قد نويت بالعمرة واحرمت من مسجد التنعيم واديت عمرة اخرى بعد الحج والان وبعد سنتين علمت انه وجوب السعي بعد طواف الافاضة فهل يجزئ سعى العمرة التى اديتها بعد الحج مباشرة عن سعى الحج بارك الله لكم

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:

فليس على المتمتع إلا سعي واحد في أصح أقوال أهل العلم، وهو أصح الروايتين عند الإمام أحمد؛ لأن الصحابة الذين تمتعوا مع النبي صلى الله عليه وسلم لم يطوفوا بين الصفا والمروة إلا مرة واحدة قبل التعريف، كما في حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه، عند مسلم قال: (لم يطف النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه بين الصفا والمروة إلا طوافا واحدًا).

وذهب الجمهور إلى وجوب سعي آخر بعد التعريف مع طواف الإفاضة، استدلوا بحديث عائشة وابن عباس رضي الله عنهما وكلاهما معلول عند أهل العلم بالحديث كما سيأتي في كلام شيخ الإسلام حيث قال في معرض حكايته مذاهب أهل العلم فيما يجب على المتمتع والقارن والمفرد من السعي والطواف "مجموع الفتاوى" (26/ 36):

"... وقول: إن المتمتع لا يستحب له طواف القدوم، هو الصواب بل ولا يستحب له سعي ثان؛ فإن الصحابة الذين حجوا مع النبي صلى الله عليه وسلم لم يسعوا إلا مرة واحدة، وبهذا يظهر فضل القارن إذا ساق الهدي على المتمتع الغير السائق، وأما إذا حصل في عمل المتمتع زيادة سعي واجب أو مستحب، أو زيادة طواف مستحب- فقد يقال: إنه أفضل من هذا الوجه، لكن هو خلاف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم".

إلى أن قال: "بل أبلغ من ذلك أن المتمتع هل يجزيه السعي الأول الذي مع طواف العمرة، أو يحتاج إلى سعي ثان عقيب طواف الإفاضة، أو غيره على قولين عن أحمد، والمشهور عند أصحابه هو الثاني والأول قد نص عليه أيضًا، قال عبد الله بن أحمد قلت لأبي: المتمتع يسعى بين الصفا والمروة. قال: إن طاف طوافين فهو أجود وإن طاف طوافًا واحدا فلا بأس، قال: وإن طاف طوافين فهو أعجب إلي؛ واحتج بحديث جابر وكذلك نقل عنه ابن منصور، وإنما اختلف مذهبه في ذلك لاختلاف الأحاديث في ذلك؛ ففي صحيح مسلم عن جابر. قال: (لم يطف النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بين الصفا والمروة إلا طوافًا واحدًا)، طوافه الأول، وهذا مع أنهم كانوا متمتعين.

 وروى أحمد قال: ثنا الوليد بن مسلم قال: ثنا الأوزاعي عن عطاء عن ابن عباس أنه كان يقول: (القارن والمتمتع والمفرد يجزيه طواف بالبيت وسعي بين الصفا والمروة)، وفي الصحيحين (عن عائشة قالت: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع فأهللنا بعمرة ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان معه هدي فليهل بالحج والعمرة ثم لا يحل حتى يحل منهما جميعا - إلى أن قالت - فطاف الذين أهلوا بالعمرة بالبيت وبالصفا والمروة ثم حلوا ثم طافوا طوافا آخر بعد أن رجعوا من منى لحجهم وأما الذين كانوا جمعوا بين الحج والعمرة)

ثم أجاب على حديث عائشة فقال: (26/ 40-41)

وهذا قد عارضه حديث جابر الصحيح " (أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الذين أمرهم بأن يحلوا من إحرامهم ويجعلوها عمرة لم يطوفوا بين الصفا والمروة إلا أول مرة)، وهذا يناقض ما فهم من حديث عائشة، وفي ترجيح أحد الحديثين كلام ليس هذا موضع بسطه؛ فإن المحققين من أهل الحديث يعلمون أن هذه الزيادة في حديث عائشة هي من كلام الزهري ليست من قول عائشة؛ فلا تعارض الحديث الصحيح، وقد روى البخاري تعليقًا عن ابن عباس مثل حديث عائشة. وفيه أيضا علة".

وقال أيضًا (26/ 139):

"والأظهر ما في حديث جابر؛ ويؤيده قوله: (دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة)، فالمتمتع من حين أحرم بالعمرة دخل بالحج، لكنه فصل بتحلل؛ ليكون أيسر على الحاج، وأحب الدين إلى الله الحنيفية السمحة". اهـ.

إذا تقرر هذا، فعلى القول بعدم وجوب السعي بعد طواف الإفاضة فحجك صحيح، بالإضافة إلى أن من تأمل سنة النبي صلى الله عليه وسلم أيقن أنه لم يأمر أحد ترك شيئًا من واجبات العبادة جهلاً، وأيضًا قد ذهب بعض أهل العلم إلى أن من ترك سعى الحج ثم اعتمر بعد ذلك فإن سعي العمرة ينوب عن سعي الحج؛ فعلى جمع الأحوال فإن الحج صحيح،، والله أعلم.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام