زوجي يجبرني على الاختلاط بعائلته
متزوجة من 13 عام ولي 3 أطفال. مشكلتي أهل زوجي نحن نتقابل مرة كل أسبوع أو أسبوعين في اجتماع عائلي ونداوم على هذا الاجتماع طبيعتي هادئة وغير اجتماعية ووجودي في اماكن بها عدد كبير يمثل ضغط شديد على لأنه ضد طبيعتي ولكني لأجل زوجي أحاول ألا اتغيب وكذلك المناسبات من أفراح أو واجب العزاء أو زيارة مرضاهم لأن زوجي له 7 أخوات متزوجين ولهم أولاد. ولكن الأمور تتطور في اخر عامين لأنهم يطلبون أن نتجمع في المصايف وهو ما رفضته نظراً لصعوبة تحمل لبس الحجاب صباحاً ومساءً وأثناء النوم. الأمر الذي لم يتقبله زوجي ويعنفني بشدة بأنني باعرضه للحرج برفضي لأن كلهم رايحين. وحالياً بدأ زوجي يظهر لي أنه متقبل للأمر وكل عام في الصيف يتكرر العرض ويتكرر الرفض ويبدأ في الشجار لأتفه الأسباب بعدها حتى ينسى الأمر. مع العلم إن لي أبي وأمي وأخي وأختي وزوجي لم يزورهم منذ أكثر من 5 سنوات بحجة إن مفيش حد أقعد أتكلم معاه باباكي بيبقي عايز ينام وتعبان وبحس إني متقل عليه. حتى في رمضان نذهب أربع أو خمس مرات للأفطار عند أخوته ولم اتغيب ولو مرة وعندما دعانا أبي أبلغته وأعتذر لإنهم لن يأتوا إذا دعوناهم وهم بالفعل لن يأتوا لكبر سنهم فهم لا يخرجون إلا لزيارة الطبيب. أصبحت أشعر إنني أعامل بدونية شديدة ومؤخراً برفضي الذهاب مع أخوته في المصيف رفض أن نذهب إلى المصيف هذا العام. أصبحت لا أتحمل تدخل اخواته في حياتنا ودائما ما يقومون بالضغط عليه للضغط على وأصبحت لا أتحمل. بدأت في تناول المهدئات التي بدأت تؤثر علي سلباً وعلى علاقتي بأولادي فأصبحت عصبية ولا اتحملهم ولا أعلم ما هو الواجب علي دون أن أتحمل ما لا أطيق. أعتذر عن الإطالة. مع الشكر
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فما تذكره السائلة الكريمة – مع الأسف الشديد - هو صورة مكررة لأحوال المجتمعات الإسلامية! من تساهلْ أكثرُ المسلمين في الاختلاط ومخالفة شرع الله، فهذا شيء قد شب عليه الصغير، وهرم عليه الكبير، من عقودٍ متعاقبة من الجهل الموروث بالشرع؟! فالجميع إلا من رحم الله نشأ في ظل تلك الخُلطة المحرمة بنساء العائلة، وعلى فرض سلامة الصدور من الريبة، فإن لشارع الحكيم سبحانه تعالى لا يتركُ الناس لأهوائهم، ومن ثَم كان المنع العام إلَّا فيما دعت إليه الحاجة، وبضوابطَ ظاهرة محددة؛ من غض البصر، والتزامِ الحجاب الشرعي، والكلامِ بالمعروف، وفي حضور الزوج، أو أحد المحارم.
وقد أحسنت الأخت السائلة بالبعد عن الخلطة ما استطاعت إلى ذلك سبيلا، فالخير كل الخير في توجيهه - صلى الله عليه وسلم – وإن ثقل على النفس، وخالف الإلف والعادة، وأغضب الزوج، ولكنه سيعتاد ذلك في النهاية.
أما ما أصاب الأخت السائلة من أذى فلتحتسبه عند الله تعالى، فعقبات الطريق تنتهي بمُرُور الأيام، وتهدأُ الزوبَعَةُ، ويحصُد الأجرَ الجزيلَ، ورضوان اللهِ.
هذا؛ ومن أحسن ما يعين على تحمل الصعاب تذكّر أننا في زمانٍ القابضُ فيه على دينِهِ كالقابض على الجمر، فأكثري من التوجُّه إلى من يُجِيبُ المضطَّر إذا دعاه، ويكشف السوء أن يصلح لك زوجك.
وكذلك التَسَلَّحْ بالصبر واحتساب الأجرَ عند الله تعالى؛ فعاقبةُ الصبر - دائمًا - إلى خير، وما أُعطِيَ المسلم عطاءً خيرًا وأوسع من الصبر، وفي الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ومن يَتَصبَّرْ يُصبرْه الله، وما أُعطِيَ أحدٌ عطاءً خيرًا وأوسعَ من الصبر".
وأما ما يجب فعله تجاه الزوج، فالبحث عنْ أوجُه التفاهُم بينكما، والخطوط المُشتركة، ولن يكون هذا إلا بفتْح حوارٍ بينكما مبنيٍّ على المصارَحة وتفعيل محطات التفاهم، مع الحرص أن يحصل في جوٍّ من المحبَّة والهدوء والرغبة الصادقة في إصلاح الحال، ووضحي له أن وجود مسافات بين الأسر يعزز بقاء الود، بخلاف كسر الحدود فإنه يقضي الود ويقتله، نظرًا لاختلاف الثقافات والعادات وطريقة المعيشة، وغير ذلك مما يحيل الحياة جحيمًا، كما هو مُشاهَد في مثل تلك الحال.
هذا؛ والله أعلم
خالد عبد المنعم الرفاعي
يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام
- المصدر: