لو أحدثت أثناء الطواف أو شك في الحدث
شككت فى نقض وضوئى فى اخر طواف الافاضة ولم اخرج للوضوء لصعوبة ذلك فى الزحام و صليت ركعتين الطواف ثم بعد رجوعى منى اعدت الركعتين مرة اخرى هل يجوز طوافى ام انوى طواف الافاضة مرة اخرى عوضا عن طواف الوداع
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فمن القواعد المقررة في الشريعة الإسلامية أن اليقين لا يزول بالشك، وأن البناء على اليقين هو المتعين في جميع المسائل، فلا تأثير للشك في طروء الحدث على الطهارة السابقة، ولا يخرج عن هذا الأصل إلا بدليل متيقن؛ فالنبي صلى الله عليه وسلم أمر بالبناء على هذا الأصل في أكثر من مسألة.
ففي الصحيحين عن عباد بن تميم، عن عمه، أنه شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل الذي يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة؟ فقال: "لا ينفتل - أو لا ينصرف - حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا"
والمعنى: تيقن الحدث، وأن الصلاة صحيحة ما لم يتيقن الحدث.
قال الإمام الخطابي في "معالم السنن"، فإذا تحقق من شيء عمل بمقتضاه، فلا يستجيب للوساوس، وهذا الحديث من أدلة القاعدة الشرعية المقررة: أن اليقين لا يزول بالشك، فمن كان متطهرًا وشك في انتقاض وضوئه، سواء كان في الصلاة أو خارجها، فلا ينتقض وضوؤه - ولو كان في الصلاة - حتى يستيقن الحدث.
وقال النووي في "شرح مسلم": "معناه يعلم وجود أحدهما، ولا يشترط السماع والشم بإجماع المسلمين، وهذا الحديث أصل من أصول الإسلام، وقاعدة عظيمة من قواعد الفقه، وهي أن الأشياء يحكم ببقائها على أصولها حتى يتيقن خلاف ذلك، ولا يضر الشك الطارئ عليها، فمن ذلك مسألة الباب التي ورد فيها الحديث، وهي أن من تيقن الطهارة وشك في الحدث حكم ببقائه على الطهارة، ولا فرق بين حصول هذا الشك في نفس الصلاة وحصوله خارج الصلاة، هذا مذهبنا ومذهب جماهير العلماء من السلف والخلف" انتهى.
إذا تقرر هذا؛ فالطواف صحيح لأن الأخ السائل تيقن الطهارة، وشك في الحذث، فلا يؤثر على صحة وضوئة.
وعلى فرض أن السائل الكريم تيقن الحدث، فطوافه أيضًا صحيح؛ لأن الحدثُ أثناء الطَّواف لا يفسد الطَّواف، في أصحِّ قولَي العُلماء؛ لعدم وجود دليلٌ على أن الوضوء واجب للطواف، وغاية ما ورد أنَّ رسول الله ْعليه َّالسَّلام - حين أراد أن يطوف توضَّأ ثمَّ طاف، وهذا فِعْل، والفِعْل لا يدلُّ على الوجوب.
قال في "الشرح الممتع"الشرح الممتع (7/ 23):
"مسألة: لو أحدثت حدثًا أصغر في أثناء الطواف، ففيها قولان:
القول الأوَّل: أنَّ طوافَها يبطل، ويجب عليْها أن تتوضَّأ، وتستأنِف الطَّواف؛ لأنَّ الطَّهارة شرطٌ للطَّواف.
القول الثَّاني: تكمِل الطَّواف، وليس عليْها شيء، وهذا القوْل هو الصَّحيح: أنَّه لا يُشترط للطَّواف الطَّهارة من الحدَث الأصغر؛ لعدَم وجود نصٍّ صحيحٍ صريح، وهو اختِيار شيْخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله". اهـ.
هذا؛والله أعلم،،
خالد عبد المنعم الرفاعي
يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام
- المصدر: