حكم من فعل محظور في الإحرام بغير قصد

منذ 2019-02-19
السؤال:

السلام عليكم أحرمت بالحج لهذا العام وحيث أنني أعاني من خروج قطرات من البول بعد التبول لمدة تستمر نصف ساعة، فقد قمت بإلصاق منديل على العضو باستخدام شريط لاصق ومن ثم إزالته بعد انقضاء النصف ساعة والاستنجاء والوضوء لكن عندما كنت أزيله كان ينتف معه شيئا من الشعر بسبب وجود الشريط اللاصق كما أسلفت فهل عليّ فدية؟ وبارك الله فيكم

الإجابة:

الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ عَلَى رسولِ اللهِ، وعَلَى آلِهِ وصحبِهِ وَمَن والاهُ، أمَّا بعدُ:

فمن المعلوم أن المحرم يمنع من قص شعره، أو تقليم أظافره، غير أنه إن فعل هذا بغير قصد كالناسي أو المخطئ، فإنه لا تجب عليه الفدية؛ وقد دلّ على هذا عمومات القرآن والسنة:

قال الله تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا } [الأحزاب: 5]،

وفي الصحيح عن ابن عباس لما نزل قوله تعالى{رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا } [البقرة: 286]، قال الله تعالى: "قد فعلت".

وروى ابن ماجه قال رسول لله صلى الله عليه وسلم: "إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه".

ومن ذهب إلى وجوب الفدية على الناسي أو المخطئ قاسه على ضمان ما يتلف حيث يستوي فيه العمد والسهوه، وهو قياس مع الفارق؛فالإتلاف الذي يستوي فيه الخطأ والعمد مثل الصيد أو حقوق الآدمي كالقتل الخطأ، ولا يشمل ما نحن بصدده فهو أشبه بلبس المخيط عن غير قصد.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (26/ 116):
"ولا يقلم أظفاره ولا يقطع شعره، وله أن يحك بدنه إذا حكه ويحتجم في رأسه وغير رأسه، وإن احتاج أن يحلق شعرًا لذلك جاز؛ فإنه قد ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم في وسط رأسه وهو محرم، ولا يمكن ذلك إلا مع حلق بعض الشعر، وكذلك إذا اغتسل وسقط شيء من شعره بذلك لم يضره وإن تيقن أنه انقطع بالغسل"

وقال أيضًا (25/ 226-227): 
"ثبت بدلالة الكتاب والسنة أن من فعل محظورًا مخطئًا أو ناسيًا لم يؤاخذه الله بذلك، وحينئذ يكون بمنزلة من لم يفعله، فلا يكون عليه إثم ومن لا إثم عليه لم يكن عاصيًا، ولا مرتكبًا لما نهي عنه، وحينئذ فيكون قد فعل ما أمر به ولم يفعل ما نهي عنه.

ومثل هذا لا يبطل عبادته، إنما يبطل العبادات إذا لم يفعل ما أمر به أو فعل ما حظر عليه، وطرد هذا أن الحج لا يبطل بفعل شيء من المحظورات لا ناسيًا ولا مخطئًا لا الجماع ولا غيره، وهو أظهر قولي الشافعي..... إلى أن قال:

أظهر الأقوال في الناسي والمخطئ إذا فعل محظورًا ألا يضمن من ذلك إلا الصيد". اهـ. مختصرًا.

إذا تقرر هذا، فلا تجب الفدية على الأخ السائل، لعدم توفر القد إلى نتف الشعر،، والله أعلم.  

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام