القنوط من رحمة الله بسبب الاختلاف في موضوع غفرانه
فالله تعالى يغفر جميع الذنوب لكل من تاب من الشرك والكفر والكبائر، وهو مذهب جميع الصحابة وسلف الأمة وسائر الأئمة، وليس في هذا خلاف بين أهل العلم، والقنوط أن يعتقد أن الله لا يغفر له إذا تاب، ولا يقبل توبته.
انا يحدث لي الان قنوط من رحمة الله احس انني لن تقبل توبتي لأني رأيت مواضيع مختلفة في ذنبي فهناك من يقول يغفر وهناك من يقول لا يغفر فأنا الان في حالة يأس شديدة لا استطيع وصفها وذنبي هو في الردة عن الكفارة المغلظة؟
الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ عَلَى رسولِ اللهِ، وعَلَى آلِهِ وصحبِهِ وَمَن والاهُ، أمَّا بعدُ:
فإن القنوط من رحمة من المهالك التي لا نجاة منها إلا بفضل الله ورحمته، فهو محض سوء ظن بالله، وجهل بسعة رحمته التي كتبها على نفسه، ووسعت كل شيء؛ وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لما قضى الله الخلق كتب في كتابه فهو عنده فوق العرش إن رحمتي غلبت غضبي".
وقد حذر الله عباده من القنوط من رحمته؛ فقال سبحانه وتعالى: {إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلاّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ}، فالقنوط من رحمة الله تنقيص لكرم الله المطلق ورحمته، وتكذيب البشرى، وكل ذلك مناف لكمال التوحيد؛ قال تعالى: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر: 53].
فالله تعالى يغفر جميع الذنوب لكل من تاب من الشرك والكفر والكبائر، وهو مذهب جميع الصحابة وسلف الأمة وسائر الأئمة، وليس في هذا خلاف بين أهل العلم، والقنوط أن يعتقد أن الله لا يغفر له إذا تاب، ولا يقبل توبته.
فالمؤمن يسير إلى الله بين الخوف والرجاء؛ بحيث لا يذهب مع الخوف فقط حتى يقنط من رحمة الله، ولا يذهب مع الرجاء فقط حتى يأمن من مكر الله؛ لأن القنوط من رحمة الله والأمن من مكر الله ينافيان التوحيد؛ قال تعالى: {أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ } [الأعراف: 99]،، والله أعلم.
خالد عبد المنعم الرفاعي
يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام
- التصنيف:
- المصدر: