اخذ حاجه بدون اذن
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فمن المعلوم أن ما تلقيه الشركات أو الأفراد في الزبالة يكون قد رغب واستغنى عنه، فلا حرج حينئذ من أخذه والانتفاع به دون إذن صاحبه؛ لأن رميها نبذوها دليل على أنهم لن يعودوا إليها ليأخذوها، وهذا منهم في معنى الإباحة للغير في أخذها.
أما ما يلقى في الخردة فما نعلمه أن الشركات تبيع تلك الخردة لتجار الخردة، فإن كان الأمر في الشركة المسؤول عنها على هذا النحو، فلا يجوز آخذها؛ لأنه مال خاص بالشركة ومن يأخذه من العمال يكون قد خان الأمانة التي اؤتمن عليها، وأكل مال الغير بغير إذنه ورضاه، ومن ثمّ يجب عليه ردّ ما أخذه، فإن كان غير موجود فيرجع قيمته للشركة؛ قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء: 29]، و قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء: 58]، وقد ذكر العلماء أن الإهمال في الأمانات إذا أدى إلى هلاكها أو ضياعها يوجب الضمان، سواء أكان أمانة بقصد الاستحفاظ كالوديعة، أم كان أمانة ضمن عقد كالمأجور.
وإن كانت الشركة لا تفرق بين الخردة والزبالة، بمعنى أنها ترميها ولا تبيعها، ولا تحتفظ بها، ، فلا حرج من أخذها حينئذ والانتفاع بها دون إذن؛ لما بيناه سابقًا أن الشيء الذي يتركه صاحبه رغبة عنه في معنى إباحة آخذه.
قال في "المقنع في فقه الإمام أحمد" (ص: 231): " ومن سبق إِلى مباح كصيد وعنبر وحطب وثمر وما ينبذه الناس رغبة عنه فهو أحق به، وإِن سبق إِليه اثنان قُسِم بينهما"
قال في "الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف"(16/ 138-139) شارحًا لعبارة صاحب المقنع: "قوله: ومن سبق إلى مباح؛ كصيد، وعنبر وسمك، ولؤلؤ، ومرجان وحطب، وثمر، وما ينتبذه الناس، رغبة عنه، فهو أحق به. وكذا لو سبق إلى ما ضاع من الناس مما لا تتبعه الهمة، وكذا اللقيط، وما يسقط من الثلج والمن، وسائر المباحات، فهو أحق به. وهذا بلا نزاع". اهـ.
هذا؛ والله أعلم.
خالد عبد المنعم الرفاعي
يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام
- المصدر: