هل عقوق الوالدين مبرر لعقوق الأبناء
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته انا متزوجة والاخت الكبيرة لابي وامي ويصغرني اختين ايضا متزوجين ولكن دايما في خلاف بينا وبين امي وابي ونزعل منهم لعدم اهتمامهم بينا وبنحس دايما ان مفيش حنان منهم علينا مع اننا بنزعل عليهم اوي لما يكون بيهم تعب اوي حد يزعلهم اخواتي البنات بيزعلوا وبيقولوا اننا حاسين ان ملناش حد في الدنيا وخصوصا ان لنا اخ أكبر مننا ومش بيسال علينا خالص ولا عم ولا خال حتي ودايما ناسين ان لهم اولاد وخصوصا اني انتقلت للسكن بعيد عنهم واخواتي معهم في نفس البلد وبرده مش بيسالوا عليهم اختي الاصغر مريضه بالقلب والاخري عندها السكري وانا دايما صحتي تعبانه واجري لي كذا عمليه وهما عارفين ظروفنا ومع ذلك اخاف الله فيهم ومش بحب ازعلهم لكن هما مقصرين معانا جدا لدرجة لما بجتمع مع اخواتي نفضل نبكي كثيرا لاننا نري حولنا من هم مثلنا لكن اهاليهم مش مقصرين معاهم ومعاملهتم مع اولادهم غيرنا واخواتي دايما بيزعلوا ومش عايزين يروحوا لهم أو يقبلوا منهم حاجه افيدوني جزاكم الله خيرا اتصرف معاهم الزاي
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فمما لا شك فيه أن عقوق الوالدين لأبنائهم مما حرمه الله تعالى، هو انتكاس للفطرة والغريزة التي وضعها الله في قلوبهما، وتفريط للأمانة التي حملهم الله إياها، وهو ابتلاء قاس للأبناء، ولكنه ليس مبررًا للقطيعة أو العقوق، وإنما ينُصح الآباء ويذكروا بغير عقوق ولا شجار، ويرشدوا للخَير.
وما أذكره سهل بالكلام ولكنه صعب بالأفعال ويتطلب كثيرًا من مجاهدة النفس.
ومما يعين على هذا احتساب الأجر الجزيل عند الله تعالى، وتذكر ما فرضه الله تعالى من حق للوالدين، بل هو من آكَدِ الحقوق على الابن، وقد عظمه الله وجعله في الترتيب مباشرًا لحقه – تعالى - حيث قال: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [الإسراء:23]، وقال: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [النساء:36].
قال القرطبي - رحمه الله - في "تفسيره" (2 / 13) -:
"وقرن الله - عز وجل - في هذه الآية - حق الوالدين بالتوحيد؛ لأن النشأة الأولى من عند الله، والنشء الثاني - وهو التربية - من جهة الوالدين، ولهذا؛ قَرَنَ - تعالى - الشكر لهما بشكره، فقال: {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ} [لقمان: 14].
والإحسان إلى الوالدين: معاشرتُهُمَا بالمعروف، والتواضع لهما، وامتثال أمرهما، والدعاء بالمغفرة بعد مماتهما، وصلة أهل ودهما".
وَحَذَّرَ - سبحانه وتعالى - من عصيانهما، أو إيذائهما - ولو بأدنى الألفاظ - فقال – تعالى -: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا} [الإسراء:23].
ورسول الله صلى الله عليه وسلم علم الأمة أن عقوقهما من أكبر الكبائر، ومن أسباب دخول جهنم - والعياذ بالله - فقال: "ألا أُنَبِّئُكُمْ بأكبر الكبائر - ثلاثًا - قالوا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وجلس وكان متكئًا، فقال: ألا وقول الزور، قال: فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت"؛ متفق عليه.
ومن الأحاديث التي يتزلزل لها المؤمن وتتصدع لها القلوب وترجف لعا الأفئدة قوله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ثلاثة لا ينظر الله - عز وجل - إليهم يوم القيامة: العاق لوالديه، والمرأة المتَرَجِّلة، والدَّيُّوث"؛ رواه أحمد والنسائي وابن حبان، وقوله: "لا يدخل الجنة منانٌ، ولا عاقٌّ، ولا مدمنُ خمر"؛ رواه أحمد والنسائي وكذلك ما رواه مسلم عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "رغم أنف، ثم رغم أنف، ثم رغم أنف"، قيل: من؟ يا رسول الله قال: "من أدرك أبويه عند الكبر، أحدهما أو كليهما فلم يدخل الجنة".
إذا تقرر هذا؛ فإن عقوق الآباء لا يبرر الأبناء،، والله أعلم.
خالد عبد المنعم الرفاعي
يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام
- المصدر: