كيف أتحصل على الندم
الآن شروط التوبة ٥ : الإخلاص الندم الإقلاع عقد العزم على عدم العودة قال الرسول صلى الله عليه وسلم [ الندم توبة ] العلم يثمر الندم ، والندم يثمر بقية الأركان.
كيف أتحصل على الندم ، حاولت الندم كثيرا لكنني لم أستطيع ، مع العلم أن لدي علم بضرر الذنوب ، ولكنني لم أتحصل الندم ، فكيف أتحصل على الندم بالتفصيل ؟
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فالندم هو ركن الأعظم في التوبة، فقد صح أن رسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "النَّدَمُ تَوْبَةٌ"؛ رواه ابن ماجة.
وليس هو التوبة نفسها، ويتحقق الندم بلوم النفس عليه، ويتبعها من الحزن، أو شدة الحزن، والخوف، وقال الراغب: الندم التحسر على ما فات، وفسَّر أيضًا بالأسف، وهو الحزن أو المبالغة في الحزن.
فتحصيل الندم ليس بالأمر الصعب فكل حزن يشعر به بعد فعل المعصية يحصل منه الندم المقصود للتوبة، وكذلك أي تألم للقلب على الذنب، وكل من علم جنايته فخاف مقام ربه أو عاقبة ذنبه حصّل الندم.
والحاصل أن تحصيل الندم الذي يحمل على ترك المعصية، يتحقق لكل من ترك المعصية لكونها معصية لله تعالى، أو من تركها خوفًا من الله، أو كره وقوعه فيها.
قال في "فتح الباري" (13/ 471)
"... وقال غيره شروط التوبة ثلاثة الإقلاع والندم والعزم على أن لا يعود والتعبير بالرجوع عن الذنب لا يفيد معنى الندم بل هو إلى معنى الإقلاع أقرب وقال بعضهم يكفي في التوبة تحقق الندم على وقوعه منه فإنه يستلزم الإقلاع عنه والعزم على عدم العود فهما ناشئان عن الندم لا أصلان معه ومن ثم جاء الحديث الندم توبة وهو حديث حسن من حديث بن مسعود أخرجه بن ماجة وصححه الحاكم وأخرجه بن حبان من حديث أنس وصححه".
وما أجمل ما قال ابن الحاج في كتابه "المدخل" (3/ 56):
"انظر يا أخي، ولا تدع ما فيه المخرج إلا خرجت منه، وما كان مما فرط منك مما لا حيلة فيه إلا الندم، والاستغفار فاندم عليه ندمًا صحيحًا بالقلق منك، والاضطراب في حضرة الله، والاجتهاد قبل فوات الأيام، وهجوم الموت عليك، وأكثر مع الندم الصحيح ذِكر ما ندمت عليه، ولا تفتر عما أمكنك من الاستغفار، ثم عليك بعد بالتخلص من العائق الذي يشتغل عن الله جل ذكره، حتى تكون مؤثرًا لله على ما سواه، وهذا هو الطريق إلى سبيل النجاة، والله المستعان".
ثم بين أن الند يسير فقال (4/ 44):
"ثم يتوب التوبة بشروطها، وهي: الندم والإقلاع والعزم على أن لا يعود، ورد التبعات لمن كانت عليه شرط رابع، فالثلاثة الأول متيسرة على المرء؛ لأنها بينه وبين ربه؛ وما كان بين العبد وربه فالغالب الرجاء في العفو والصفح عنه، وأما رد التبعات فمتعذر في الغالب، وقل من يتخلص منها إلا بتوفيق وتأييد من المولى سبحانه وتعالى".
وكذلك بين أبو حامد الغزالي في "إحياء علوم الدين" (4/ 3):
"اعلم أن التوبة عبارة عن معنى ينتظم ويلتثم من ثلاثة أمور مرتبة: علم وحال وفعل، فالعلم الأول، والحال الثاني، والفعل الثالث، وَالْأَوَّلُ مُوجِبٌ لِلثَّانِي، وَالثَّانِي مُوجِبٌ، لِلثَّالِثِ إِيجَابًا اقتضاه اطراد سُنَّةُ اللَّهِ فِي الْمُلْكِ وَالْمَلَكُوتِ، أَمَّا الْعِلْمُ فهو معرفة عظم ضرر الذنوب وكونها حجاباً بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ كُلِّ مَحْبُوبٍ، فَإِذَا عَرَفَ ذَلِكَ مَعْرِفَةً مُحَقَّقَةً بِيَقِينٍ غَالِبٍ عَلَى قَلْبِهِ، ثَارَ مِنْ هَذِهِ الْمَعْرِفَةِ تَأَلُّمٌ لِلْقَلْبِ بِسَبَبِ فَوَاتِ الْمَحْبُوبِ؛ فَإِنَّ الْقَلْبَ مَهْمَا شَعَرَ بِفَوَاتِ مَحْبُوبِهِ تَأَلَّم،َ فَإِنْ كَانَ فَوَاتُهُ بِفِعْلِهِ تَأَسَّفَ عَلَى الْفِعْلِ الْمُفَوِّتِ، فَيُسَمَّى تَأَلُّمُهُ بِسَبَبِ فِعْلِهِ الْمُفَوِّتِ لِمَحْبُوبِهِ نَدَمًا، فَإِذَا غَلَبَ هَذَا الْأَلَمُ على القلب واستولى وانبعث مِنْ هَذَا الْأَلَمِ فِي الْقَلْب،ِ حَالَةٌ أُخْرَى تُسَمَّى إِرَادَةً وَقَصْدًا إِلَى فِعْلٍ لَهُ تَعَلُّقٌ بالحال والماضي وَبِالِاسْتِقْبَالِ، أَمَّا تَعَلُّقُهُ بِالْحَالِ فَبِالتَّرْكِ لِلذَّنْبِ الَّذِي كَانَ مُلَابِسًا، وَأَمَّا بِالِاسْتِقْبَالِ فَبِالْعَزْمِ عَلَى تَرْكِ الذَّنْبِ الْمُفَوِّتِ لِلْمَحْبُوبِ إِلَى آخِرِ الْعُمُرِ، وَأَمَّا بالماضي فبتلافي ما فات بالجبر والقضاء إن كان قابلاً للجبر".
إذا تقرر هذا؛ فإن تحصيل الندم ليس بالأمر الصعب،، والله أعلم.
خالد عبد المنعم الرفاعي
يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام
- المصدر: