هل يجوز كشف الشعر في أوقات العمل للحاجة
لا يجوز لك كشف شعرك إلا إذا كنت في حالة ضرورةٍ مُلجِئَةٍ، ولا تَجِدِين عنه بديلًا؛ فإنه يُبَاح حينئذٍ، وَمَتَى استغنيتِ عنه، وَجَبَ عليكِ تركُهُ.
السلام عليكم انا فتاة متخرجة من 4سنوات و كل ما اجد فرصة للعمل لا اقبل فيها و يتم رفضي والسبب هو انني فتاة متحجبة انا في حاجة ماسة للعمل وتحسين وضعي المادي لاني فقيرة وابي لم يعد يستطيع تحمل مصاريف البيت لوحده مع غلاء اسعار ايضا اريد اكمال دراستي مع العمل وضمان مستقبلي. صراحة بدات اخاف من المستقبل خصوصا كلما مرت سنة وانا لازلت في البيت كلما قلت فرص تشغيلي احيانا افكر في العمل بدون حجاب فقط في اوقات العمل وذلك مع كشف شعر الراس فقط مع لباس محتشم فهل يجوز ذلك؟
الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ عَلَى رسولِ اللهِ، وعَلَى آلِهِ وصحبِهِ وَمَن والاهُ، أمَّا بعدُ:
فلا يخفى على مثلك أن حجاب المرأة المسلمة فرضٌ بالكتاب، والسنة، وإجماع أهل العلم، وقد أمر الله - جل وعلا – بالتَّسَتُّر، والعفاف، والتَّصَوُّن، والأخذ بمكارم الأخلاق، ومحاسنها؛ قال - تعالى -: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [الأحزاب:59]، وقال - عز وجل -: {وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} [الأحزاب:33]، وقال: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ} [النور:31].
فخَلْع الحجاب كبيرة من الكبائر متوعد عليها بالعذاب الأليم؛ وإذا كان الله ورسوله قد أمرا بالحجاب، فلا يُترك لقول أحدٍ من البشر كائنًا من كان؛ قال الله - تعالى -: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور:63].
فالحجاب عِزُّ للفتاة، ورمزُ للعِفَّة، والتنازل عنه خطوةً من خطوات الشيطان، والله - جل وعلا - يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلَكِنَّ اللهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [النور: 21]، وقال - سبحانه -: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ} [المدثر: 37]، فالسير إلى الله لا وقوف له في الطريق، إنما هو ذَهَابٌ، وتَقَدُّمٌ، أو رُجُوعٌ، وَتَأَخُّرٌ.
ويجب أَن تعلَمي أن من تَوَكَّلَ على الله كفاه، وحماه، وأن من اتقى الله، يسَّر له أمره؛ كما قال - سبحانه -: {وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا} [الطلاق:2،3].
ولْتصبِري على ما يصيبك من أذًى، مستحضرةً ما أعده الله من الأجر للمتمسك بدينه؛ كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ مِن وَرَائِكُم زَمَانَ صبرٍ؛ للمُتَمَسِّك فيه أجرُ خمسينَ شهيدًا منكم"؛ رواه الطبراني من حديث ابن مسعود.
وقال - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّكَ لن تَدَعَ شيئًا لله - عز وجل - إلا أَبْدَلَكَ الله به ما هو خيرٌ لَكَ مِنْهُ"؛ أخرجه الإمام أحمد في المسند، وإسناده صحيحٌ.
وقال - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ الرُّوحَ الْأَمِينَ نَفَثَ فِي رَوْعِي أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ نَفْسٍ تَمُوتُ حَتَّى تَسْتَوْفِيَ رِزْقَهَا , فَاتَّقُوا اللهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ , وَلَا يَحْمِلْكُمُ اسْتِبْطَاءُ الرِّزْقِ عَلَى أَنْ تَطْلُبُوهُ بِمَعَاصِي اللهِ، فَإِنَّهُ لَا يُنَالُ مَا عِنْدَهُ إِلَّا بِطَاعَتِهِ"؛ أي: فأحسنوا في طلب الرزق، وابتغوه من سُبُلِهِ الحلالِ التي شرعها الرب - جل وعلا - والحديثُ رواه البيهقيُّ في "شعب الإيمان"، وابن أبي شيبة في "المصنف"، وغيرُهُما.
ومعنى الحديث: أن جبريل - عليه السلام - أَلْقَى في نفس النبي - صلى الله عليه وسلم - أن جميع الناس لن يموتوا قبل حُلُولِ آجالهم، ولن يموتوا كذلك حتى ينالوا ويُحَصِّلُوا كُلَّ ما كتبه الله لهم من أرزاقهم في الدنيا، ولذلك؛ قال - صلى الله عليه وسلم -: "أَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ"؛ أي: فأحسنوا في طلب الرزق، واتبعوا أجمل الطرق، والأسباب في ذلك.
إذا تقرر هذا، فلا يجوز لك كشف شعرك إلا إذا كنت في حالة ضرورةٍ مُلجِئَةٍ؛ فلا تجدين ما يسد رمقك أو لا تجدي مع تنفقيه على الحاجات الأساسية من المطعم والمسكن والملبس، ولا تَجِدِين عنه بديلًا؛ فإنه يُبَاح حينئذٍ، من باب أن الضروراتِ تُبِيحُ المحظوراتِ، وَمَتَى استغنيتِ عنه، وَجَبَ عليكِ تركُهُ.
أما تحصيل مصاريف الدراسة، فليس من الضرورات التي تُبِيح الوقوع في الْمُحَرَّم،، والله أعلم.
خالد عبد المنعم الرفاعي
يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام
- التصنيف:
- المصدر: