الجماع قبل انتهاء الحيض تماما
مدة حيضي كانت سبعة أيام وبعد تركيب اللولب أصبحت اثنى عشر يوما وزوجي لا يصبر ولا يطيق طول المدة ويصر على الجماع غصبا عني بعد انتهاء الدم في ايام الكدة والصفرة في اليوم الهاشر أو الحادي عشر مثلا وأشعر بأن ذلك حرام ولا يرضي الله فما الحكم وهل انفصل عنه حتى لا أغضب الله وتقع المحظورات
الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:
فإن من العلم اليقينيِّ أن (اللولب) يُحدِث اضطرابًا في الحيض حتى تزداد مدة نزول الدم، كما في هذا السؤال، وأعدل قولي أهل العلم وأرجحهما، أن الحيض إذا كان جميعُه له نفسُ أوصاف الدم التي تعرفها المرأة، فهو حيض؛ فروى أبوداود والنسائي عن فاطمة بنت أبي حبيش أنها كانت تستحاض، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا كان دم الحيضة فإنه أسود يعرف، فإذا كان ذلك فأمسكي عن الصلاة، فإذا كان الآخر فتوضئي وصلي فإنما هو عرق".
أما إذا كانت صفات الدم الزائد عن العادة متغيِّرة تغيُّرًا واضحًا عن دم الحيض الذي تعرفه في لونه أو رائحته أو غيرهما، فلا يكون دمَ حيض؛ وإنما هو استحاضة؛ لأن النبي أمر من لها عادة أن تعمل بها؛ كما في الصحيح عن عائشة: أن أم حبيبة بنت جحش شكت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الدم، فقال لها: "امكثي قدر ما كانت تحبسك حيضتك ثم اغتسلي، فكانت تغتسل عند كل صلاة"، وفي روية أحمد والنسائي: "فلتنتظر قدر قروئها التي كانت تحيض فلتترك الصلاة".
وهذا القول أَقْيَسُ وأقرب لحُكم العقل والشرع، وهذا ما اختاره علماءُ اللجنة الدائمة للإفتاء، فذهبوا إلى أن المرأة تنظر إلى الدم النازل، فإن كان بصفات دم الحيض، فهو حيض، وإن كان بصفات الدم المعتاد، فهو نزيف، وليس حيضًا.
فقد سُئلوا: "في الأيام الحاضرة تستعمل النساء موانع الحمل الاصطناعية؛ كالحبوب واللولب، وأيُّ طبيب قبل وَضْع (اللولب) أو إعطاء الحبوب يُعطي المرأة حبَّتين؛ للتأكُّد مِن عدم حَمْل المرأة، بهذه الحالة يجب أن يأتيَها الدم إن لم تكنْ حاملاً، والسؤال: إن هذا الدم الذي يَنْزِل عليها خلال أيام معدودة، هل حُكمه حُكمُ دم الحيض بتَرْك الصلاة والصيام والجماع؟ علمًا بأنَّ فترة نُزُول هذا الدم ليستْ وقت حيضها المعتاد، كذلك بعد وَضْع (اللولب) أو استعمال الحبوب عند بعض النساء، يَتَغَيَّر نظام دورة الحيض؛ فتزيد فجأة بعد استعمال المانع للحمل، حتى إن بعضهنَّ لا تطهُر خلال الشهر أكثر مِن أسبوع، ويَنْزل الدم عليها خلال ثلاثة أسابيع مُتوالية، ويكون الدم النازل نفس الدم الذي يَنْزل عند الحيض، وكذلك نفس الدم الذي يَنْزِل عند أخْذِ الحبَّتين للتأكُّد من عدم الحمل، كما في السؤال السابق، والسؤال: ما الحكم خلال هذه الفترة "ثلاثة أسابيع"؛ أهو حكم الحيض؟ أم تلتزم بعادتها قبل استعمال المانع أسبوعًا أو عشَرةَ أيام؟
فأجابوا:
إذا كان الدمُ الذي نزل بعد أَخْذ الحبَّتينِ هو دمَ العادة المعروف للمرأة، فهو دمُ حيضٍ، تترك وقتَه الصوم والصلاة، وإذا كان غيرَ ذلك، فلا يُعتبر دمَ حيض يَمنع الصوم والصلاة والجِماع؛ لأنه إنما نزَل بسبب الحبوب"؛ فتاوى اللجنة الدائمة (5/ 442).
وعليه؛ فما دمتِ تميزين الدمُ الزائد على عادتك والمتَّصل بها وأن له صفات غير دم الدورة نفسُها، فليس منها، فيجب عليك الاغتسال بعد انقضاء أيام عادتك المعروفة (7 أيام)، ولك حكم الطاهرات فتصلي وتصومي، ويأتيك زوجك، ولكن يجب عليك أن تتوضئي لكل صلاة، بسبب الصفرة والكدرة استحاضة.
أما حكم الجماع قبل الغسل فقد سبق بيانه في فتوى: الجماع بعد الحيض.
والله أعلم.
خالد عبد المنعم الرفاعي
يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام
- المصدر: