حكم نذر ترك المعصية
شخص حلف على ترك معصية فحنث ثم نذر على تركها مباشرة بعد حنثه فقال "إن لم يعلم أحد بمعصيتي فسوف أتركها " و فعلا لم يعلم احد بمعصيته لكنه حنث ،،،فكم كفارة عليه؟؟؟
الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومن والاهُ، أمَّا بعدُ:
فإن كان الحال كما ذكرت، فيجب على هذا الشخص كفارة يمين على حنثه على اليمين الأول.
أما نذره على ترك المعصية، فهو نذر لفظًا، ويمين معنى؛ وهو ما يعرف عند الفقهاء بنذر الِجاج، وهو أن يعلق الجزاء بالشرط ليمتنع وجودهما؛ للحث على فعل شيء، أو ترك شيء، غير قاصد للقربة أصلاً.
والعبر في الشريعة بالمعاني والمقاصد، فالأمور بمقاصدها، "وقاعدة الشريعة التي لا يجوز هدمها: أن المقاصد والاعتقادات معتبرة في التصرفات والعبادات، كما هي معتبره في التقربات والعبادات، قاله العلامة ابن القيم في "إعلام الموقعين".
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى":
"فنذر التبرر مثل أن يكون مقصود الناذر حصول الشرط، ويلتزم فعل الجزاء شكرًا لله تعالى؛ كقوله: إن شفى الله مريضي فعلي أن أصوم كذا أو أتصدق بكذا أو نحو ذلك، فهذا النذر عليه أن يوفي به؛ كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه"؛ رواه البخاري.
وأما نذر اللجاج والغضب فقصد الناذر أن لا يكون الشرط ولا الجزاء، مثل أن يقال له: سافر مع فلان فيقول: إن سافرت فعلي صوم كذا وكذا، أو علي الحج، فمقصوده أن لا يفعل الشرط ولا الجزاء، وكما لو قال: هو يهودي أو نصراني إن فعل كذا، أو إن فعل كذا فهو كافر ونحو ذلك؛ فإن الأئمة متفقون على أنه إذا وجد الشرط فلا يكفر بل عليه كفارة يمين...إلى أن قال: وأما الصحابة وجمهور السلف والمحققون فقالوا: الاعتبار بمعنى اللفظ، والمشترط هنا قصده وجود الشرط والجزاء، وهناك قصده ألا يكون هذا ولا هذا؛ ولهذا يحلف بصيغة الشرط تارة، وبصيغة القسم أخرى مثل أن يقول: علي الحج لأفعلن كذا، أو لا فعلت كذا أو علي العتق إن فعلت كذا أو لا فعلت كذا". اهـ.
وعليه، فيجب عليه كفارة يمين ثانية لحنثه عن اليمين الثاني الذي أخرجه مخرج النذر،، والله أعلم.
خالد عبد المنعم الرفاعي
يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام
- المصدر: