العمل فى شركات الإنتاج السينمائى والإعلانات

منذ 2019-06-28
السؤال:

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته .. اعمل محاسب مالى فى شركة انتاج سينمائى وحاليا نعمل فى مجال الاعلانات التلفزيونية حيث ان الاعلان يشتمل على (الاغانى او الرقصات الاستعراضية والفتيات المتبرجة والخ ....) هل الاموال التى اتقاضاها حلال ام حرام ؟

الإجابة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فلا شك أنه يحرم الاستماع إلى المعازف والموسيقا، كما أنه لا يجوز العمل في العزف على هذه الآلات، كما أن حرمة الرقص من البديهيات الشرعية، ومن ثم يحرم العمل في هذا المجال، سواء في الإعلانات بالصورة المذكورة، أو الأفلام، والمال الذي يأتي من وراء مُحَرَّم شرعاً.

والمحاسب وإن كان لا يمارس الغتاء ولا غيره، إلا أن منفعة عمله محرمة، لأنها تعين على ما حرمه الشرع؛ وقد قال الله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: 2].

قال الإمام ابن قدامة في "المغني": "وعلى كل حال من اتخذ الغناء صناعةً يُؤتى له، ويأتيله، أو اتخذ غلاماً أو جارية مغنيين يجمع عليهما الناس - فلا شهادة له؛ لأن هذا - عند منلم يحرمه - سفه ودناءة، وسقوط مروءة، ومن حرَّمَهُ فهو مع سفهه عاصٍ مُصِرٌّ مُتَظَاهِرٍ بفسوقه،وبهذا قال الشافعي وأصحاب الرأي".

كما اعتبر الفقهاء آلات اللهو والطَّرب آلة للمعصية، وقالوا بأن من سَرَقَهَا لا تُقْطَعيَدُهُ، ومن كسرها لا ضمان عليه؛ لأنها آلات غير مُحْتَرَمَةِ شرعاً كما المغني،  ومِنَ الفقهاء من نص على أن من اشترى جارية ثم تَبَيَّن لَهُ أنها مُغَنِّيَة، أنها تُرَدُّ بالعيبعلى البائع.

هذا بالإضافة إلى ما يجلبه هذا العمل من الوقوع في مُحَرَّمَاتٍ أُخْرَى، كالاختلاط بالنساء، والنظر إليهن، وإقرار المنكر، وترك إنكاره، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "من رأى منكم منكراً فليُغيِّره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان"؛ رواه مسلم، ومن شروط إنكار القلب البعد عن مكان المنكر.

من المعلوم في الشريعة أنه لا يجوز أن يجلس المسلم في مكان مُشْتَمِل على منكر وكشف عورات بالرقص الماجن، وإثارة الشهوات، وإشاعة الفاحشة بين المسلمين، وإلهائِهم عن الواجبات الشرعيَّة ... إلى غير ذلك من الأسباب التي تجلب الشقاء.

وعليه، فيجب عليك ترك العمل، والبحث عمل آخر، فقد حذر النبي من أكل الحرام فقال - صلى الله عليه وسلم - قال: "كلُّ جَسَدٍ نَبَتَ من سُحْتٍ؛ فالنَّار أوْلَى به"؛ ورواه أحمد وغيره، عن أبي بكر - رضي الله عنه.

فادع الله أن يرزقك عملاً حلالاً؛ فقد قال الله - عزَّ وجلَّ -: { وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا} [الطلاق:2-3]. وقال تعالى:{مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل: 97]، وصحَّ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – أنه قال: "إن رُوحَ القُدُس نَفَثَ في رَوْعِي أنَّ نفساً لن تموت حتى تستكمل أجلها وتستوعب رزقها؛ فاتقوا الله، وأجملوا في الطَّلَب، ولا يحملنَّ أحدَكم استبطاءُ الرزق أن يطلبه بمعصية الله؛ فإن الله - تعالى - لا يُنال ما عنده إلا بطاعته"؛ رواه أبو نُعَيْم في "الحلية"، من حديث أبي أمامة، وصحَّحه الألباني،، والله أعلم.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام