كيفية نصح الاخرين بالهداية

منذ 2019-07-10
السؤال:

هناك اشخاص كثيره اود مساعدتهم لعل الله يهديهم ولكني لا اعرف كيفيه النصيحة المناسبة وكيف ابدا في التحدث اليهم ارجو من الله ان يهدينا جميعاً بإذن الله

الإجابة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومن والاه، أمَّا بعدُ:

فَجَزاكَ اللهُ خيرًا عَلَى حِرْصِكَ واهْتِمامِكَ بمساعدة الناس، والرغبة في نَشْرِ الدَّعْوَةِ والخَيْرِ  بَيْنَ النَّاسِ، وَأَبْشِرْ؛ فَإِنَّ الدَّالَّ عَلَى الْخَيْر كَفَاعِلِه؛ كَمَا صحَّ عَنِ الصَّادقِ الْمَصْدُوق، وَقَالَ - أَيْضًا - كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عن عَلَيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "لَأَن يهديَ اللهُ بِك رجلًا واحدًا، خيرٌ لَكَ مَن حُمْرِ النَّعَمِ".

 وقد أمر الله تعالى الْمُسْلِمِين بِالدَّعْوَةِ إلى الْخَيْر؛ َقال الله - تَعَالَى -: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ} [آل عِمْرَان: 110].

وقال - تَعَالَى -: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النَّحْل: 125].

ولكن يجب لمن يتصدى لنصح المسلمين أن يتعلم العلم الشرعي، ولا يكفي الحرص على الخير والرغبة فيه، ومحبة النفع للناس؛ قال الله تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ } [يوسف: 108]، أي: على علم ويقين من غير شك ولا امتراء ولا مرية، قال الإمام البخاري في "صحيحه": "باب العلم قبل القول والعمل".

كما يجب الإلمام بما يحاك لأمة الإسلام من مكايد، والتحلي بتقوى الله في خاصة نفسه.

أما وسائل الدعوة؛ فقد ذكرها الله تعالى في قوله: {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [النحل:125].

فالرفق والحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالحسنى هي وسائل رسل الله والعلماء والمصلحين على مدى التاريخ.

مع الصبر وتحمُّل المشاق واحتساب الأجر عند الله، مع المداومة على الأعمال الصالحة، وتعلَّمْ وتفقَّهْ وتثقَّفْ في الدين، والحرص على الاستقامة لتكون قدوة وأسوة صالحة في الأعمال الصالحة..

كما قال – تعالى -: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [فصلت: 33].

وأنقل لك بعض ما كتبه الْأُسْتَاذُ سَيِّد قُطْب في ظِلَالِهِ كزاد على المسير: "إِنَّ النُّهُوضَ بِوَاجِبِ الدَّعْوَةِ إِلَى اللهِ، فِي مُوَاجَهَةِ الْتِوَاءَاتِ النَّفْسِ الْبَشَرِيَّةِ، وَجَهْلِهَا، وَاعْتِزَازِهَا بِمَا أَلِفَتْ، وَاسْتِكْبَارِهَا أَن يُقَالَ: إِنَّهَا كَانَتْ عَلَى ضَلَالَةٍ، وَحِرْصِهَا عَلَى شَهَوَاتِهَا، وَعَلَى مَصَالِحِهَا، وَعَلَى مَرْكَزِهَا الَّذِي قَد تُهَدِّدُهُ الدَّعْوَةُ إِلَى إِلَهٍ وَاحِدٍ، كُلُّ الْبَشَرِ أَمَامَهُ سَوَاءٌ.

إِنَّ النُّهُوضَ بِوَاجِبِ الدَّعْوَةِ فِي مُوَاجَهَةِ هَذِهِ الظُّرُوفِ أَمْرٌ شَاقٌّ، وَلَكِنَّهُ شَأْنٌ عَظِيمٌ: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [فُصِّلَت: 33].

إِنَّ كَلِمَةَ الدَّعْوَةِ - حِينَئِذٍ - هِيَ أَحْسَنُ كَلِمَةٍ تُقَالُ فِي الأَرْضِ، وَتَصْعَدُ فِي مُقَدِّمَةِ الْكَلِمِ الطّيِّبِ إِلَى السَّمَاءِ، وَلَكِن مَعَ الْعَمَلِ الصَّالِحِ الَّذِي يُصَدِّقُ الْكَلِمَةَ، وَمَعَ الِاسْتِسْلَامِ للهِ الَّذِي تَتَوَارَى مَعَهُ الذَّاتُ؛ فَتُصْبِحُ الدَّعْوَةُ خَالِصَةً للهِ، لَيْسَ لِلدَّاعِيَةِ فِيهَا شَأْنٌ إِلَّا التَّبْلِيغُ.

وَلَا عَلَى الدَّاعِيَةِ بَعْدَ ذَلِكَ أَن تُتَلَقَّى كَلِمتُهُ بِالْإِعْرَاضِ، أَوْ بِسُوءِ الْأَدَبِ، أَوْ بِالتَّبَجُّحِ في الْإِنْكَارِ؛ فَهُوَ إِنَّمَا يَتَقَدَّمُ بِالْحَسَنَة؛ فَهُوَ فِي الْمَقَامِ الرَّفِيعِ، وَغَيْرُهُ يَتَقَدَّمُ بِالسَّيِّئَةِ؛ فَهُوَ فِي الْمَكَانِ الدُّونِ: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ] [فُصِّلَت: 33].

وَلِيسَ لَهُ أَن يَرُدَّ بِالسَّيِّئَةِ؛ فَإِنَّ الْحَسَنَةَ لَا يَسْتَوِي أَثَرُهَا؛ كَمَا لَا تَسْتَوِي قِيمَتُهَا مَعَ السَّيِّئَةِ. وَالصَّبْرُ وَالتَّسَامُحُ وَالِاسْتِعْلَاءُ عَلَى رَغْبَة النَّفْس في مُقَابَلَة الشَّرِّ بِالشَّرِّ، يَرُدُّ النُّفُوسَ الجَامِحَةَ إِلَى الْهُدُوءِ وَالثِّقَةِ، فَتَنْقَلِبُ مِنَ الْخُصُومَةِ إِلَى الْوَلَاءِ، وَمِنَ الْجِمَاحِ إِلَى اللِّينِ: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} [فُصِّلَت: 33]". اهـ. "في ظِلَال الْقُرْآن": (6 /295).

هذا؛ وسأذكر بعض المختصرات السهلة التي تعين المبتدئ في طلب العلم: كالأصول الثلاثة، وكشف الشبهات، وأعلام السنة المنشورة باسم: "200 سؤال وجواب في العقيدة"، ونحو ذلك.

أما المتوسط فيمكنه دراسة "العقيدة الواسطية"، و"كتاب التوحيد"، وكتاب "الإرشاد لصحيح الاعتقاد" للشيخ الفوزان، و"مختصر معارج القبول"، على أن يتم ذلك بشرح ميسر مختصر.

ثم ينتقل الطالب إلى دراسة: "معارج القبول"، و"شرح الطحاوية"، و"شرح لوامع الأنوار البهية" للسفاريني، و"شرح الواسطة"، و"التدمرية"، و"الفتوة الحموية"، و"شرح كتاب الإيمان" لشيخ الإسلام ابن تيمية، وغير ذلك من الكتب.

ويمكن الاستعانة في طلب العلم بالمواد الصوتية الكثيرة لعلماء المسلمين، وفيه شروح لتلك الكتب،، والله أعلم.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام