هل يجوز ان ترفض المعقود عليها التقبيل من قبل العاقد
هل يجوز ان ترفض المعقود عليها ان يقبلها العاقد عليها قبل الدخول بها ولها ان تمنع ذلك
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومن والاه، أمَّا بعدُ:
فإن استمتاع الزوج بزوجته بعد عقد جائز، ولا حرج فيه، فهو موجَب عقد النكاح، غير أنه إن ترتب على استعمال هذا الحق نزاع أو خصام بين الولي والزوج؛ لكونه في وقت أو مكان يخالف عادة المجتمع-: فإن الأولى تجنبه سدًا لذريعة الخلاف والشحناء، وكذلك الحال إن اشترط الولي على الزوج عد تقبيلها أو ضمها فضلاً عن جماعها حتى تنتقل إلى بيته، فيجب على الزوج الوفاء بالشرط.
أيضًا فإن من حق ولي المرأة أن يمنع من الدخول بها حتى يسلم لها المهر الحال، وتزف إلى بيته، كما هو العرف السائد عند أكثر الناس، وتجب مراعاة الأعراف والعوائد في ذلك؛ لإن المعروف عرفًا كالمشروط شرطًا.
أما إن لم يشترط الولي منع الزوج من المباشرة أو التقبيل أو غيرها، فليس للزوجة أن تمنعه من حقه، إلا إذا كان العرف جاريًا في بلادهم أن الزوج قبل الزفاف والبناء بالزوجة يظل بعيدًا عن امرأته ولا يخالطها، فحينئذ تجب مراعاة هذا العرف وعدم الخروج عليه، ولا يعد هذا ليس مصادمًا للشرع؛ لأنه لا يحرم ما أحل الله من الاستمتاع بالزوجة المعقود عليها، وإنما غايته أن تأخير الاستمتاع حتى يتم الزفاف والإشهار؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "المسلمون عند شروطهم"، علقه البخاري، ووصله أبو داود وغيره، والقاعدة الفقهية، أن المعروف عرفًا كالمشروط شرطًا.
أما كلام أهل العلم أن للمرأة الحق في الامتناع عن زوجها قبل قبض المهر الحال، فالمقصود بذلك الجماع، قال الإمام ابن قدامة في "المغني" (8/ 230):
"(وإن طالب الزوج بالدخول، وقالت: لا أسلم نفسي حتى أقبض صداقي كان ذلك لها، ولزمته النفقة إلى أن يدفع إليها صداقها)، وجملته، أن للمرأة أن تمنع نفسها حتى تتسلم صداقها؛ لأن تسليم نفسها قبل تسليم صداقها يفضي إلى أن يستوفي منفعتها المعقود عليها بالوطء، ثم لا يسلم صداقها، فلا يمكنها الرجوع فيما استوفى منها". اهـ.
وقال الإمام النووي في "منهاج الطالبين"(ص: 218): "ولها حبس نفسها لتقبض المهر المعين والحال لا المؤجل فلو حل قبل التسليم فلا حبس في الأصح".
وقال في "تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق"(2/ 155) في الفقه الحنفي:
"(ولها منعه من الوطء والإخراج للمهر، وإن وطئها)، أي لها أن تمنع نفسها إذا أراد الزوج أن يسافر بها أو يطأها حتى تأخذ مهرها منه، ولو سلمت نفسها ووطئها برضاها لتعين حقها في البدل كما تعين حق الزوج في المبدل وصار كالبيع، وليس للزوج أن يمنعها من السفر والخروج من منزله حتى يوفيها مهرها؛ لأن حق الحبس لاستيفاء المستحق، وليس له حق الاستيفاء قبل الإيفاء، والخلوة برضاها في هذا كالوطء". اهـ.
إذا عرف هذا، فلا يجوز للمعقود عليها منع زوجها من القبلة أو الضم أو ما شابه، إلا إذا كان المنع هو العرف السائد في بلادهم، أو إن غلب على ظنها أنها إن مكنتها من الاختلاء بها جامعها؛ لغلبة الشهوة عليه أو لعدم ضبط نفسه، أو يكون ولي المرأة اقد اشترط عليه ذلك لحين الزفاف،، والله أعلم.
خالد عبد المنعم الرفاعي
يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام
- المصدر: