جكم الضحك عند سب الرسول
السلام عليكم كنت يوم جالسه امام المرآه وسمعت احدًا سب النبي وعندما رأيت وجهي رأيت انني ابتسمت ثم اخفيت الضحكه فورًا فهل اكون كفرت
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمَّا بعد:
فقد أجمع العلماء على أن سب النبي صلى الله عليه وسلم كفر أكبر، وقد نقل الإجماع كثير من أئمة السنة منهم الإمام إسحاق بن راهويه أحد الأئمة الأعلام، فقال: "أجمع المسلمون على أن من سب الله، أو سب رسوله صلى الله عليه وسلم، أو دفع شيئا مما أنزل الله عز وجل، أو قتل نبيا من أنبياء الله عز وجل- أنه كافر بذلك، وان كان مقرا بكل ما أنزل الله" كما في كتاب "الصارم المسلول على شاتم الرسول"(ص: 3).
أما من سمع ذلك السب فأقل ما يجب عليه هو إنكار القلب وهو كراهيته لذلك.
أما من ضحك على السب فلا يحكم بكفره إلا كان مقرًا على السب أو راضيًا به لاستحبابه الدنيا على الآخرة، أو ضحك طوعًأ ولم يغلبه الضحك لسبب آخر؛ لأنه يشترط في الحكم بالكفر قصد الفعل المكفر، كما بينه الأئمة، أن القصد المعتبر شرعًا في التكفير هو قصد الفعل المكفر لا قصد الكفر به، وهو ما عبر عنه شيخ الإسلام ابن تيمية في الصارم المسلول قال:" فمن قال أو فعل ما هو كُفر، كَفَرَ بذلك، وإن لم يقصد أن يكون كافراً؛ إذ لا يكاد يقصد الكفر أحد إلا ما شاء الله". اهـ.
وقال في كتاب "الإيمان" (ص: 174-175):
"وإذا تكلم بكلمة الكفر طوعاً، فقد شرح بها صدراً وهي كفر؛ وقد دل على ذلك قوله تعالى: {يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِم قُلِ اسْتَهْزِؤُواْ إِنَّ اللهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِن نَّعْفُ عَن طَآئِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَآئِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ} [التوبة: 64: 66]، فقد أخبر أنهم كفروا بعد إيمانهم، مع قولهم: إنا تكلمنا بالكفر من غير اعتقاد له، بل كنا نخوض ونلعب، وبين أن الاستهزاء بآيات الله كفر، ولا يكون هذا إلا ممن شرح صدره بهذا الكلام، ولو كان الإيمان في قلبه، منعه أن يتكلم بهذا الكلام، والقرآن يبين أن إيمان القلب يستلزم العمل الظاهر بحسبه". اهـ.
وقال أبو محمد بن حزم في كتابه "الفصل في الملل والأهواء والنحل" (3/ 117): "كل من ينطق بالكلام الذي يحكم لقائله عن أهل الإسلام بحكم الكفر لا قارئاً ولا شاهداً ولا حاكياً ولا مكرهاً، فقد شرح بالكفر صدراً، بمعنى أنه شرح صدره لقبول الكفر المحرم على أهل الإسلام وعلى أهل الكفر أن يقولوه، وسواء اعتقده أو لم يعتقده؛ لأن هذا العمل من إعلان الكفر على غير الوجوه المباحة في إيراده وهو شرح الصدر به". اهـ.
إذا عرف هذا فالضحك عند سماع السب لا يكون دليلاً ولا أمارة على الكفر حتى ينضم إليه قصد الفعل المكفر، وهو هنا الرضى والإقرار على السب وعدم انتفاء إنكار القلب،، والله أعلم.
خالد عبد المنعم الرفاعي
يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام
- المصدر: