هل علي شيء إن طلقت زوجتي
أنا شاب خاطب لفتاة منذ 3 سنوات تقريبا في البداية كانت تعجبني ومع مرور الوقت بدأنا نكتشف بعضنا من الجانب السلبي حيث تنشب الكثير من المشاكل لأسباب تافهة نتيجة تفكريها بعدها رأينا بأن نقوم العقد بالشرعي فقط طمعا في نقص المشاكل وتحسن أوضاعنا ولكن بقيت كما كانت ولم يتغير شئ و صرت لا أطيقها و لا أريد المواصلة معها وفي كل مرة كنت أتريث لعلها وساوس الشيطان فقط ولكن عدم قناعتي بها غلبت كل شئ، حتى إني صرت لا أحبها كما كنت أحبها فالبداية هل علي شئ إن قمت بتطليقها؟ أو هل أنا مذنب في حقها وقد أحاسب عليه؟
الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ عَلَى رسولِ اللهِ، وعَلَى آلِهِ وصحبِهِ وَمَن والاهُ، أمَّا بعدُ:
فإن الله تعالى شرع الطلاق إذا دعت إليه الحاجة كعلاج أخير، عندما تتعذر مواصلة الحياة الزوجية، ويفسد الحال بين الزوجين ويصبح بقاء الزواج مفسدة محضة، وضررًا مجردًا، فالزام الزوجين بمواصلة الحياة مع سوء العشرة، أو الخصومة الدائمة من غير فائدة لا يقوله عاقل، وتتنزه عنه الشريعة الخاتمة.
والطلاق وإن كان منهي عنه ، والأصل فيه الحظر، إلا أنه أبيح منه قدر الحاجة، واستبدال زوج مكان زوج، والتخلص ممن لا يحبها ولا يلائمها، وإمساك الزوجية بعد استعلان الشقاق واستحالة التوفيق محاولة فاشلة، يزيدها الضغط فشلاً، ومن الحكمة التسليم بالواقع، وأبغض الحلال إلى الله الطلاق.
الشريعة الإسلامية شريعة عملية واقعية أنزلها الله لتنظم أوضاع الناس مواجهة الواقع ومن ثم كانت تلك الأحكام الدقيقة المفصلة، التي تدل على واقعية هذا الدين في علاجه للحياة، فآيات القرآن الكريم التي بين في قواعد العشرة والطلاق واضحة مستقيمة جادة، تنظم الحياة وتقيمها على الجد والصدق، قال الله تعالى: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [البقرة: 231].
قال في "زاد المعاد"(5/ 219):
"قد يكون الطلاق من أكبر النعم التي يفك بها المطلق الغل من عنقه، والقيد من رجله، فليس كل طلاق نقمة، بل من تمام نعمة الله على عباده أن مكنهم من المفارقة بالطلاق إذا أراد أحدهم استبدال زوج مكان زوج، والتخلص ممن لا يحبها ولا يلائمها؛ فلم ير للمتحابين مثل النكاح، ولا للمتباغضين مثل الطلاق، ثم كيف يكون نقمة والله تعالى يقول: {لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً} [البقرة: 236] [البقرة: 236]، ويقول: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: 1]". اهـ.
وعليه، فخذ أولاً بأسباب علاج الشقاق بينكما، والبحث عن حكمين من أهل العلم والفضل لينظرا في مقدار الشقاق، فإن ثبت استحالة العشرة بينكما، فلا حرج من الطلاق،، والله أعلم.
خالد عبد المنعم الرفاعي
يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام
- المصدر: