هل يصام عن المريض الذي مات قبل قضاء رمضان

منذ 2019-07-28
السؤال:

كان والدي مريض عافاكم الله و توفي وعليه حوالي 10 أيام لم يصمها أو يكفر عنها ماهو المطلوب مني لقضاء هذه الأيام و أنا أكبر الأبناء و أصبحت رب الأسرة

الإجابة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعـد

 فإن كان الوالد مات قبل تمكنه من القضاء فلا شيء عليه في قول أكثر أهل العلم من الأئمة الأربعة وغيرهم، فنصوا في كتبهم على أن من مات وعليه صوم فاته بمرض أو سفر ، أو غيرهما من الأعذار ولم يتمكن من قضائه حتى مات لا شيء عليه ، ولا يصام عنه ولا يطعم عنه؛، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : "إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم"؛ متفق عليه، ولأنه حق لله تعالى وجب بالشرع ، ومات من يجب عليه قبل إمكان فعله ، فسقط إلى غير بدل كالحج.

وأما من مات بعد تمكنه من القضاء فلم يصمه ، فذهب الجمهور من الحنفية والمالكية والحنابلة ، وهو أشهر القولين عند الشافعية إلى أنه يطعم عنه لكل يوم مسكين.

قال الإمام ابن قدامة في "المغني" (3/ 152):
"(فإن أمكنها القضاء فلم تقض حتى ماتت، أطعم عنها لكل يوم مسكين)، وجملة ذلك أن من مات وعليه صيام من رمضان، لم يخل من حالين؛ أحدهما، أن يموت قبل إمكان الصيام، إما لضيق الوقت، أو لعذر من مرض أو سفر، أو عجز عن الصوم، فهذا لا شيء عليه في قول أكثر أهل العلم، وحكي عن طاوس وقتادة أنهما قالا: يجب الإطعام عنه؛ لأنه صوم واجب سقط بالعجز عنه، فوجب الإطعام عن، كالشيخ الهرم إذا ترك الصيام، لعجزه عنه.
ولنا أنه حق لله تعالى وجب بالشرع، مات من يجب عليه قبل إمكان فعله، فسقط إلى غير بدل، كالحج...

الحال الثاني، أن يموت بعد إمكان القضاء، فالواجب أن يطعم عنه لكل يوم مسكين. وهذا قول أكثر أهل العلم. روي ذلك عن عائشة، وابن عباس. وبه قال مالك، والليث، والأوزاعي، والثوري، والشافعي، والحسن بن حي، وابن علية، وأبو عبيد، في الصحيح عنهم.
وقال أبو ثور: يصام عنه. وهو قول الشافعي"

والراجح من جهة الدليل مذهب الشافعية كما قال النووي والسبكي وغيرهما؛ واحتجوا بما ثيت في الصحيحين قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من مات وعليه صيام، صام عنه وليه"؛ متفق عليه، والولي: القريب، ولا يقتصر عليه؛ فيجوز للزوجة أو لأي أحد من المسلمين الصوم عنه.

قال الإمام ابن القيم في كتاب "الروح"(ص 168):

"والعبادات قسمان: مالية وبدنية، وقد نبه الشارع بوصول ثواب الصدقة على وصول سائر العبادات المالية، ونبه بوصول ثواب الصوم على وصول سائر العبادات البدنية، وأخبر بوصول ثواب الحج المركب من المالية والبدنية، فالأنواع الثلاثة ثابتة بالنص والاعتبار". اهـ.

وعليه فإن كان الوالد مات قبل التمكن من القضاء أو الإطعام، فلا شيء عليكم، وإن كان قد تمكن من القضاء ولم يقض، فيصوم عنه أبناؤه أو غيرهم،، والله أعلم.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام