أحب امرأة متزوجة وانا متزوج

منذ 2019-07-29
السؤال:

احب امرأة متزوجة وانا متزوج وهي تحبني ولكن ظروف الحياة والنصيب جعلت كل شخص في طريق .مش عارف اكمل حياتي بدونها وهي كذلك . للعلم مع أولاد وهي أيضا مها أولاد .

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:

فإن الشارعَ الحكيمَ حفِظ الأسرة، وضبَط أمورها، وحافَظ عليها مِن زعازع الأهواء، واتقاء عناصر التهديم فيها والتدمير، ومِن ذلك حماية قلب الزوجة مِن التعرُّض لها، أو ملامسة مشاعرها لتعليقها بغير زوجها؛ فهذا مِن أعظم الإفساد في الأرض، حتى قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "ليس منَّا مَن خبَّبَ امرأةً على زوجها، أو عبدًا على سيده"؛ رواه أبو داود عن أبي هريرة.

وتخبيبُ المرأة: إفسادُها، وإغراؤُها بطلَب الطلاق، وهو مِن أكبر الذنوب، وأعظم المعاصي؛ كما نصّ عليه ابنُ حجر الهيتميُّ في كتابه: "الزواجر عن اقتراف الكبائر".

وإقامة علاقة مع امرأة متزوجة أو وعدها بالزواج إذا طُلِّقَتْ إفسادٌ لأسرتها، وتخبيبٌ لها على زوجها وأبنائها، فمَن أفسد زوجةَ رجلٍ وأغراها بطلب الطلاق، أو التسبُّب فيه، فقد أتى بابًا عظيمًا مِن أبواب الكبائر، وقد صرَّح الفقهاءُ بالتضييق عليه وزجره، حتى قال المالكيةُ بتأبيد تحريم المرأة المخببة على مَن أفسدها على زوجها معاملةً له بنقيض قصده، ولئلَّا يتَّخذ الناسُ ذلك ذريعةً إلى إفساد الزوجات.

فابتعد عن تلك المرأة وارض بما قسمه الله، واحذرْ مِن الوقوع في هذا الذنبِ الكبير، وفي الحلالِ كفايةٌ عما حرَّمه الله، واقصر عن سبُل الغواية، وإن كنتَ ابتُليت بحبها فاتقِ اللهَ تعالى واصبرْ واصرفْ قلبَك عنها، ولا تنشَغِلْ بها فتقع في تضييع حدود الله وواجباته، وتدبَّرْ قولَه تعالى: {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا} [البقرة: 32].

والنصُّ عامٌّ في النهي عن تمنِّي ما فضَّل الله بعض المؤمنين على بعض، مِن أي أنواع التفضيلِ؛ في الزوجة والوظيفةِ والمكانةِ، وفي الاستعداداتِ والمواهبِ، وفي المالِ والمتاعِ، وفي كلِّ ما تتفاوت فيه الأنصبةُ في هذه الحياة.

ولا يخفى على عاقل أن التهافُت مع الخيانة، وما ينشأ عن هذا كله مِن سوء ظنٍّ بالله، وسوء ظنٍّ بعدالة التوزيع؛ حيث تكون القاصمة التي تذهب بطمأنينة النفس، وتورث القلق والنكدَ، وتستهلك الطاقة في وُجدانات خبيثةٍ، وفي اتجاهاتٍ كذلك خبيثة، بينما التوجهُ مباشرةً إلى فضل الله هو ابتداء التوجه إلى مصدر الإنعام والعطاء، الذي لا ينقص ما عنده بما أعطى، ولا يَضيق بالسائلين.

وقد اتفق العلماءُ على حُرمة التعرُّض للمرأة المتزوجة بالتلميح بالزواج، حتى ذَكَر ابنُ نُجَيْمٍ من الحنفية: "أن هذا المخادع يحبس إلى أن يحدثَ توبة أو يموت؛ لأنه ساعٍ في الأرضِ بالفساد"، قال النووي: في الأذكار (ص: 368): "يَحْرُم على المكلَّف أن يُحدِّثَ عبد الإنسان، أو زوجته، أو ابنه، أو غلامه، ونحوهم بما يُفسدهم به عليه إذا لم يكنْ ما يُحدِّثهم به أمرًا بمعروف، أو نهيًا عن منكر، قال الله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: 2]، وقال تعالى: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق: 18].

وقال شيخُ الإسلام ابن تيميَّة رحمه الله في "مجموع الفتاوى" (23/ 363): "فسعيُ الرجل في التفريقِ بين المرأة وزوجها مِن الذنوب الشديدة، وهو مِن فِعلِ السحَرة وهو مِن أعظم فِعلِ الشياطين، لا سيما إذا كان يُخببها على زوجها ليتزوجها هو".

وقال ابن القيِّم رحمه الله في "الداء والدواء" (1/ 502): "وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد نهى أن يخطبَ الرجل على خطبة أخيه، أو يَستامَ على سَوْمِ أخيه، فكيف بمَن يَسعى في التفريقِ بينه وبين امرأته وأمَتِه حتى يتصل بهما؟ وعشاقُ الصور ومساعدوهم مِن الدِّيَثة لا يرون ذلك ذنبًا، ولا يَسقُط حقُّ الغير بالتوبة من الفاحشة، فإنَّ التوبةَ وإن أسقطتْ حق الله فحقُّ العبد باقٍ وله المطالبة به يوم القيامة، فإنَّ ظُلْمَ الوالد بإفساد فلذة كبده، ومَن هو أعز عليه مِن نفسه، وظلم الزوج بإفساد حبيبته والجناية على فراشه أعظم مِن ظلمه بأخذ ماله كله، ولهذا يُؤذيه ذلك أعظم مما يُؤذيه أخْذُ ماله، ولا يَعدِل ذلك عنده إلا سفك دمه، فيا له مِن ظلم أعظم إثمًا مِن فعلِ الفاحشة!". اهـ. مختصرًا.

إذا عرف هذا، فابتعد عن تلك المرأة، واقطع أي وسيلة اتصال بينكما، وخذ نفسك بالحزم وجاهدها في ذات الله تعالى، وارض بما قسمه الله عليك تكن أغنى الناس،، والله أعلم.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام