بدء الخلق وعجائب المخلوقات - أيهما خلق أولا السماء أم الأرض

منذ 2019-09-18

دل القرآن العظيم في موضعين منه على أن الأرض مخلوقة قبل السماء، وذلك في قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}

السؤال:

هل خلق الله السماوات أولا ثم الأرض؟ أسأل عن ذلك لأني حائر بسبب الآيات التالية، قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [البقرة: 29] ، وقوله: {أأنتم أشد خلقا أم السماء بناها، رفع سمكها فسواها، وأغطش ليلها وأخرج ضحاها، والأرض بعد ذلك دحاها} {النازعات: 27-30]

الإجابة:

الحمد لله
دل القرآن العظيم في موضعين منه على أن الأرض مخلوقة قبل السماء، وذلك في قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}، وقوله تعالى:{قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ. وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ. ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ}   [فصلت: 9-11].


وهذا لا يتعارض مع قوله تعالى في سورة النازعات: {أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا. رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا. وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا. وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا. أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا} [النازعات: 27- 31]
فالأرض خلقت أولا، غير مدحُوّة، ثم خلقت السماء، ثم دُحيت الأرض، وذلك بإخراج الماء منها والمرعى، أي الأشجار والزراعات ونحوها.
ومعنى قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} أي: أصل الأرض، مع تقدير ما سيكون عليها من أرزاق وغير ذلك. فـ {خَلَقَ} هنا بمعنى: قدّر، وهذا موافق لقوله في سورة فصلت: {وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا}.


قال العلامة محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله: " اعلم أولا أن ابن عباس رضي الله عنهما سئل عن الجمع بين آية السجدة [أي آية سورة فصلت] وآية النازعات، فأجاب بأن الله تعالى خلق الأرض أولا قبل السماء غير مدحُوَّة، ثم استوى إلى السماء فسواهن سبعا في يومين، ثم دحا الأرض بعد ذلك، وجعل فيها الرواسي والأنهار وغير ذلك.
فأصل خلق الأرض قبل خلق السماء، ودحوها بجبالها وأشجارها ونحو ذلك، بعد خلق السماء.


ويدل لهذا أنه قال: {والأرض بعد ذلك دحاها} ولم يقل: خلقها، ثم فسر دحوه إياها بقوله: {أخرج منها ماءها ومرعاها} وهذا الجمع الذي جمع به ابن عباس بين هاتين الآيتين واضح لا إشكال فيه. مفهوم من ظاهر القرآن العظيم " انتهى.
ثم ذكر آية سورة البقرة، وبين أن المراد بالخلق فيها: التقدير، أو خلق أصل الأرض.
وذكر وجها آخر للجمع، وهو أن قوله: {والأرض بعد ذلك دحاها} أي مع ذلك، فلفظة (بعد) بمعنى (مع) ، مثل قوله تعالى: {عتل بعد ذلك زنيم}. وهذا الجمع يُستأنس له بالقراءة الشاذة، وبها قرأ مجاهد {والأرض مع ذلك دحاها}.

فتكون آية النازعات لا ذكر فيها للترتيب بين خلق السموات والأرض، وحينئذ فلا تعارض بينها وبين آية البقرة وفصلت.
ينظر: "دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب" للعلامة محمد الأمين الشنقيطي، مطبوع مع تفسيره "أضواء البيان" (10/16- 18) .
والله أعلم.

الإسلام سؤال وجواب

موقع الإسلام سؤال وجواب

الفتوى السابقة
فلينظر الإنسان مما خلق
الفتوى التالية
أخبار الأشجار