هل يملك الجن قتل الإنسان

منذ 2019-09-23
السؤال:

جدتي كانت نايمه وهي تعيش مع ابنها صحت تصرخ وكان حد يضربها حتي وقعت علي الارض فلما جه ابنها قالت له واحد بيضربها وبيقولها متناميش علي السرير تاني وهي صاحيه هو قال انها ست كبيرة ماخدش علي كلامها ونفض السرير لها وقرا قران علي السرير وقالها نامي ولكنه بقي في الاوضه وبعد شويه شافاها فعلا صحت و كان حد بيضربها من غير ما يشوف الي بيضربها لحد ما وقعها علي الارض واتشلت واخدها مستشفي ودخلت عنايه مركزة يومين وتوفت سوالي هنا مين الي بيضربها هل هو شيطان او جن هل لهم سلطه علينا بانهم يعملوا كدا ولا ده اعوذ بالله ملايكه عذاب تقبض روحها اولادها خايفين يكون ملائكه عذاب ارجوكم طمنونا وفهمونا

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:

فإنَّ تَلَبُّس الجنِّ بالإنس ثابتٌ بالكتاب والسنَّة وإجماع الأمة، وليس في أئمَّة المسلمين من يُنْكِر دخول الجن في بدن المصروع، وليس في الأدلَّة الشرعيَّة ما ينفي ذلك، وهو أمرٌ واقعٌ ومحسوسٌ، لا ينكِرُه إلاَّ جاهلٌ أو مكابٌر، أو مكذِّبٌ بالكتاب والسنَّة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – في "مجموع الفتاوى" (24/276-277) -: "وجود الجن ثابت بكتاب الله وسنة رسوله، واتفاق سلف الأمة وأئمتها، وكذلك دخول الجني في بدن الإنسان ثابت باتفاق أئمة أهل السنة والجماعة؛ قال الله - تعالى -: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} [البقرة: 275].

 وفي الصحيح - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم"، وقال عبد الله بن الإمام أحمد بن حنبل: "قلتُ لأبي: إن أقوامًا يقولون: إن الجني لا يدخل بدن المصروع، فقال: يا بُني، يَكْذِبُون؛ هو ذا يتكلم على لسانه"، وهذا الذي قاله أمر مشهور؛ فإنه يُصْرَعُ الرجل فيتكلم بلسان لا يُعْرَفُ معناه، ويُضْرَبُ على بدنه ضربًا عظيمًا لو ضرب به جَمَلٌ لأَثَّر به أثرًا عظيمًا، والمصروع مع هذا لا يُحِسُّ بالضرب، ولا بالكلام الذي يقوله، وقد يَجُرُّ المصروعَ وَغَيْرَ المصروعِ، ويَجُرُّ البِساط الذي يجلس عليه، ويُحَوِّلُ الآلاتِ، وينقل من مكانٍ إلى مكانٍ، ويُجْرِي غير ذلك من الأمور، مَنْ شاهَدَهَا، أفادتْهُ علمًا ضروريًّا بأن الناطق على لسان الإنسي والمحرك لهذه الأجسام، جنسٌ آخرُ غيرُ الإنسان.

وليس في أئمة المسلمين من ينكر دخول الجنِّيِّ في بدنِ المصروعِ، ومن أنكر ذلك وادعى أن الشرع يُكَذِّبُ ذلك، فقد كَذَبَ على الشرع، وليس في الأدلة الشرعية ما ينفي ذلك". اهـ.

وقال - أيضًا - في "مجموع الفتاوى" (19/12) -: "ولهذا أنكر طائفة من المعتزلة كالجبائي، وأبي بكر الرازي، وغيرهما دخول الجن في بدن المصروع، ولم ينكروا وجود الجن؛ إذ لم يكن ظهور هذا في المنقول عن الرسول، كظهور هذا، وإن كانوا مخطئين في ذلك، ولهذا؛ ذكر الأشعريُّ في مقالات أهل السنة والجماعة: أنهم يقولون: إن الجنيَّ يدخل في بدن المصروع" اهـ..

وقال الإمام ابن القيم - رحمه الله تعالى - في معرض كلامه عن نوعي الصرع – في كتابه "زاد المعاد"(4/66-67):  

"وأما صرع الأرواح: فأئمتهم وعقلاؤهم يعترفون به، ولا يدفعونه، ويعترفون بأن علاجه بمقابلة الأرواح الشريفة الخيرة العلوية لتلك الأرواح الشريرة الخبيثة؛ فتدافع آثارها، وتعارض أفعالها وتبطلها، وقد نص على ذلك بقراط - في بعض كتبه - فذكر بعض علاج الصرع، وقال: "هذا إنما ينفع من الصرع الذي سببه الأخلاط والمادة، وأما الصرع الذي يكون من الأرواح، فلا ينفع فيه هذا العلاج.

إذا تقرر هذا؛ فإن كان الحال كما ذكرت، فما حدث مع تلك المرأة فهو مسّ من الجن؛ وقد دلت السنة المشرف على أن للجن قدرة على قتل الإنس؛ في الصحيحين أن ابنَ عمرَ كان يَقْتُلُ الحياتِ ثم نَهَى، قال: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - هدم حائطًا له، فوجد فيه سِلْخَ حيةٍ، فقال: "انظروا أين هو؟ فنظروا، فقال: اقتلوه؛ فكنت أقتلها لذلك، فلقيتُ أبا لبابة، فأخبرني أن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال: "لا تقتلوا الجِنَّانَ، إلَّا كل أبتر ذي طُفْيَتَيْنِ؛ فإنه يُسْقِطُ الولد، ويُذْهِبُ البصر؛ فاقتلوه".

وروى مسلم – أيضًا - عن أبي السائب، أنه دخل على أبي سعيد الخدري - في بيته – قال: فوجدته يصلي، فجلستُ أنتظره حتى يقضيَ صلاته، فسمعتُ تحريكًا في عراجينٍ في ناحية البيت، فالْتَفَتُّ فإذا حية، فَوَثَبْتُ لأقتلها، فأشار إليَّ: أَنِ اجْلِسْ، فجلستُ، فلما انصرف، أشار إلى بيت في الدار، فقال أَتَرَى هذا البيت؟ فقلت: نعم، فقال: كان فيه فتىً منَّا حديثُ عهدٍ بعرس، قال: فخرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الخندق، فكان ذلك الفتى يستأذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأنصاف النهار، فيرجع إلى أهله، فاستأذنه – يومًا - فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "خذ عليك سِلَاحَكَ؛ فإني أخشى عليك قريظة، فأخذ الرجل سلاحه، ثم رجع، فإذا امرأته بين البابين قائمة، فَأَهْوَى إليها الرمحَ؛ ليطعنها به، وأصابته غَيْرَةٌ، فقالت له: اكفف عليك رمحك، وادخل البيت حتى تنظر ما الذي أخرجني، فدخل، فإذا بحية عظيمة منطوية على الفراش، فأهوى إليها بالرمح، فانتَظَمَهَا به، ثم خرج، فَرَكَزَهُ في الدار، فاضطربت عليه، فما يُدْرَي أيُّهما كان أسرع موتًا: الحية؟ أم الفتى؟ قال: فجئنا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكرنا له، وقلنا: ادع الله يحييه لنا، فقال: استغفروا لصاحبكم، ثم قال: إن بالمدينة جِنًّا قد أسلموا، فإذا رأيتم منهم شيئَّا، فآذنوه ثلاثة أيام، فإن بدا لكم بعد ذلك، فاقتلوه؛ فإنما هو شيطانٌ".

أما ما ورد في القرآن الكريم من ضرب الملائكة الموكلون بقبض أرواح الكفار فذلك حين الوفة؛ قال الله تعالى:{وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ} [الأنفال: 50].

هذا؛ والله أعلم.

  

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام