التجسس على الزوج في مواقع التواصل الاجتماعي
اردت ان اختبر زوجى هل يتحدث مع نساء عبرالانترنت ام لا فعملت اكونت بأسم بنت غريبه لايعرفها انها انا ودخلت تحدثت معه وقال لى واضح انك مطلقه قلت لا وهو طبعا يتحدث معى على انى ست لايعرفها اصلا من هى ولايعرف انى زوجته هل هذه الكلمه مطلقه فيها شىء وهل وقع طلاق بها ام ماذا افيدوخى جزاكم الله خيرا ابليس يلعب فى رأسي وانا محتاره
الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومن والاهُ، أمَّا بعدُ:
فلا شك أن الأخت السائلة قد وقعت في ذنبين وهما التجسس على زوجها، والكذب عليه، والشارع الحكيم حرم الكذب؛ ففي "الصحيحين" وغيرهما عن عبدالله بن مسعود، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "وإياكم والكذب؛ فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، ولا يزال الرجل يكذب، ويتحرى الكذب، حتى يكتب عند الله كذابًا".
كما أن الشارع حرم التجسُّس على الآخرين وتتبُّع أخبارهم - وإن كان بحسن قصد - فكم مِن مريد للخير لا يدركُه، فالمجتمعُ المسلم نظيف المشاعرِ، مكفول الحرمات، مصونُ الغيبة والحَضْرة، لا يؤخذ فيه أحدٌ بظنة، ولا تُتبعُ فيه العورات، ولا يتعرَّض أمنُ الناس وكرامتهم وحريتهم فيه لأدنى مساس؛ فالناسُ على ظواهرهم، وليس لأحدٍ أن يتعقَّب بواطنهم، وليس لأحدٍ أن يأخذَهم إلا بما يظهر منهم من مخالفاتٍ وجرائم، وليس لأحد أن يظنَّ أو يتوقَّع، أو حتى يعرف أنهم يزاولون في الخفاء مخالفةً ما؛ فيتجسس عليهم ليضبطهم؛ قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ} [الحجرات: 12]؛ "أي: لا تُفتِّشوا عن عورات المسلمين، ولا تتبعوها، واتركوا المسلمَ على حاله، واستعملوا التغافلَ عن أحواله التي إذا فتشت ظهَر منها ما لا ينبغي..."؛ قاله السعدي في تفسيره.
وعن مجاهد: لا تجسسوا، خذوا بما ظهر لكم، ودعوا ما سترَ الله.
وفي الصحيحين أن أبا هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا تَحاسَدوا، ولا تَباغَضُوا، ولا تجسَّسُوا، ولا تحسَّسوا، ولا تناجَشُوا، وكونوا عبادَ الله إخوانًا"، والتجسُّس هو البحث عن العورات والسيئات - كما قال أهلُ العلم.
فتأمَّلي رعاكِ الله كيف أن الآية الكريمة والحديثَ الشريف أقاما سِياجًا قويًّا في المجتمع حول حرمات الأشخاص وخصوصياتهم وكراماتهم وحرياتهم!
والقرآن يقاوم هذا العمل الدنيء من الناحية الأخلاقية؛ لتطهير القلب من مثل هذا الاتجاه اللئيم لتتبُّع عورات الآخرين وكشف سوءاتهم، وتمشيًا مع أهدافه في نظافة الأخلاق والقلوب.
قال أبو داود: حدَّثنا أبو بكر ابن أبي شيبة قال: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش، عن زيد بن وهب قال: أتى ابن مسعود، فقيل له: هذا فلانٌ تقطر لحيته خمرًا، فقال عبدالله: إنا قد نُهِينا عن التجسُّس، ولكن إن يَظهَرْ لنا شيء نأخُذْ به.
وروى الإمامُ أحمدُ بإسناده عن دُخَيْن كاتبِ عقبة، قال: قلت لعقبة: "إن لنا جيرانًا يشربون الخمر، وأنا داعٍ لهم الشُّرَط، فيأخذونهم!" قال: "لا تفعل، ولكن عِظْهم وتهدَّدهم"، قال: ففعل، فلم ينتهوا، قال: فجاءه دخين، فقال: "إني قد نهيتهم فلم ينتهوا، وإني داعٍ لهم الشرط فتأخذهم!"، فقال له عقبة: ويحك! لا تفعلْ، فإني سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((مَن سترَ عورة مؤمن فكأنما استحيا موءودة من قبرها".
وقال سفيان الثوري، عن راشد بن سعد، عن معاوية بن أبي سفيان، قال: سمعتُ النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إنك إن اتَّبعتَ عورات الناس أفسدتهم، أو كدتَ أن تفسدَهم"، فقال أبو الدرداء رضي الله عنه: كلمة سمعها معاوية رضي الله عنه من رسول الله صلى الله عليه وسلم نفعه الله تعالى بها.
أما قول زوج أنت مطلقة، فليس بطلاق لأنه لا يعر ف أنك زوجته،، والله أعلم.
خالد عبد المنعم الرفاعي
يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام
- المصدر: