حكم الصلاة في غير مسجد الحي لمقصد شرعي
يوجد مسجد قريب من المنزل ولكن لا اصلي به منذ عشر سنوات والاسباب ١_ يقممون بتقديم غير المتعليمن او حافظين للقران مع وجود اكثر من واحد متعلم وملتزم ورغم ذلك يقدمون الجاهل او من يلحن في القران
٢_دائما يحدث في هذا المسجد مشاجرات تصل الي الضرب لذلك افضل اصلي في مسجد بيعد عن المنزل مسافة مشى عشر دقائق افضل من اضيع صلاتي اريد الفتوى في ذلك ولكم جزيل الشكر.
الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:
فجزاك الله خيرًا لحرصك على صلاة الجماعة، ورغبتك في الصلاة خير الأفضل والأكمل.
أما الصلاة في مسجد الحي، فقد فضّل علماء الحنفية الصلاة في مسجد الحي عن غيره من المساجد ولو كان غيره أكثر جماعة؛ لأن له حقاً، فينبغي أن يؤديه ويعمره.
قال ابن عابدين في "رد المختار": "ومسجد حيه وإن قل جمعه أفضل من الجامع وإن كثر جمعه" . اهـ.
وذهب الشافعية إلى أن أفضل المساجد الأكثر جمعاً، ما لم يكن إمامه ممن يكره الاقتداء به، وإلا كان قليل الجمع أفضل منه، وكذا لو ترتب على صلاته في الأكثر جمعاً تعطيل المسجد القليل الجمع، لكونه إمامه، أو تحضر الناس بحضوره، وإلا كانت صلاته في القليل الجمع أفضل.
وذهب المالكية إلى أن المساجد كلها سواء، وإن كانت الصلاة في المسجد القريب أفضل لحق الجوار.
الحنابلة قالوا: أفضل المساجد كلها سواء، ولكن الأفضل أن يصلي في المسجد الذي تتوقف الجماعة فيه على حضوره، أو تقام بغير حضوره، ولكن ينكسر قلب إمامه، أو جماعته بعدم حضوره. ثم المسجد العتيق، ثم ما كان أكثر جمعاً، ثم الأبعد
إذا عرف هذا؛ فيجوز لك على قول جمهور الفقهاء ترك مسجد الحي والصلاة في المسجد البعيد، لا سيما إذا كان مسجد الحي رواده متشاكسون، ويقدمون للصلاة من لم يحسن التلاوة.
وقد دلت السنة المشرفة على أن كثرة الخطى للمساجد ترفع درجات المسلم؛ ففي الصحيحين عن أبي موسى، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أعظم الناس أجرًا في الصلاة أبعدهم، فأبعدهم ممشى، والذي ينتظر الصلاة حتى يصليها مع الإمام أعظم أجرا من الذي يصلي، ثم ينام".
وفي الصحيح عن جابر بن عبد الله، قال: خلت البقاع حول المسجد، فأراد بنو سلمة أن ينتقلوا إلى قرب المسجد، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لهم: "إنه بلغني أنكم تريدون أن تنتقلوا قرب المسجد"، قالوا: نعم، يا رسول الله قد أردنا ذلك، فقال: "يا بني سلمة دياركم تكتب آثاركم، دياركم تكتب آثاركم"، والمعنى: الزموا دياركم، فإنكم إذا لزمتموها كتبت آثاركم وخطاكم الكثيرة إلى المسجد.
عن أبي بن كعب، قال: كان رجل لا أعلم رجلاً أبعد من المسجد منه، وكان لا تخطئه صلاة، قال: فقيل له: أو قلت له: لو اشتريت حمارًا تركبه في الظلماء، وفي الرمضاء، قال: ما يسرني أن منزلي إلى جنب المسجد، إني أريد أن يكتب لي ممشاي إلى المسجد، ورجوعي إذا رجعت إلى أهلي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قد جمع الله لك ذلك كله".
وعليه، فلا حرج من ترك الصلاة في هذا مسجد الحي إن كان بالصورة ذكرتها؛ لأنه على القول بإن الأصل الصلاة في مسجد الحي أفضل فإن ذلك مقيد بألا يعرضه معارض أرجح كتحصيل الخشوع، أو البعد عن النزاع، وقد قرر بعض أهل العلم قاعدة أن الفضل المتعلق بذات العبادة أولى بالمراعاة من الفضل المتعلق بمكانها،، والله أعلم.
خالد عبد المنعم الرفاعي
يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام
- المصدر: