هل سب دين النصارى كفر
زوجي انسان عجول عصبي عنيد جاهل و عندما يغضب يسب دين النصارى حيث اننا نعيش في دولتهم و يقول يلعن دينهم اذا عندهم دين و انا اخاف من هذه الألفاظ نصحته وقلت له إذا كنت تقصد دين النصارى الذي هو دين سيدنا موسى فهذا كفر و اذا لم تقصد الا دينهم المحرق فليس كفر و لكن لا تعيد هذا اللعن اولادك غدا يتعلموه و ربما يقعون بالكفر و لاني اخاف ان يكون قصد الدين الحقيقي قلت له لكن أخبرني ما قصدك انت لما تلعن هل دين النصارى دين موسى عليه السلام أو الدين الباطل فغضب مني و اعتبرني اريد تكفيره و قال بتعرفي الشيطان ما بيسالني هذا السؤال و الملك اللي هون /يقصد الموكل بالسيئات /ما بيسألني هذا السؤال و لا اتذكر اذا كان قال الكفار ما بيسألوني مثل هيك أسئلة الان بعد هذه الكلام السيء الذي جاوبني به ما راجعون ولاقلت له شيئا أرى أن هذا الكلام يحتوي على قليل ادب مع الملك حيث قرنه بالشياطين و الملائكة و لكن زوجي جاهل و ليس عنده من الحجج و العلم ما يرد على مثلي فقال هذا ما رايكم هل في قوله كفر حيث أن كلامه يشير إلى تنقص الملك و أنه كالعدو مثل الشياطين ام لا ومرة قرأت ان من العلماء من يكفر بالالفاظ المحتملة الكفر و لو كان هناك تلميح أو شيء قليل يشير إلى الكفر فهل هذا صحيح اغيثوني اغاثكم الله
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فالذي يظهر أن زوجك يقصد بسب دين النصارى ما هم عليه من كفر وشرك بالله، وما أحدثوه من التحريف والتبديل والشرك، فهذا لا محذور في سبه ووصف أصحابه بالشرك والكفر؛ لأنه دين جديد غير الذي بعث الله به نبيه عيسى عليه السلام؛ قال الله عز وجل: { لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ } [المائدة: 17]، وقال: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [المائدة: 73].
ولكن يخشى على من يعتاد هذا أن يستسهل لسانه سب الدين الحق.
وإنما ينهى المسلم عن سب الكفار إذا كان يؤدي إلى سب دين الإسلام، أو سبّ نبيه صلى الله عليه وسلم، فإنه لا يجوز سدًا للذريعة، فقد نهى الله عز وجل عن سب أصنام المشركين حتى لا يؤدي ذلك إلى سب الله عز وجل، فقال تعالى: {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ } [الأنعام: 108]
أما دين التوحيد الدين الذي بعث الله به عيسى عليه السلام، فإن سبه كفر بالله تعالى، كما لا يجوز سب أي دين من الأديان التي جاء بها أنبياء الله السابقون؛ لأن دين جميع الأنبياء هو الإسلام، والمسلمون يؤمنون بجميع الأنبياء؛ كما قال تعالى: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ} [البقرة: 285]، وقال سبحانه: { شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ} [الشورى: 13].
ومن ثم كان سب أي دين أي نبي لله كفر، قال تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ} [التوبة: 65، 66].
هذا؛ والله أعلم.
خالد عبد المنعم الرفاعي
يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام
- المصدر: