هل موافقة الإمام أولى من الإتيان بالتسليمة الثانية
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نحن في المغرب يسلم الامام تسليمة واحدة فهل إذا سلم الماموم بتسليمتين يعد ذالك من مخالفة الامام في الصلاة جزاكم الله خيرا
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فمما لا شك فيه أن الاقتصار الإمام على تسليمة واحدة مخالف لما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الإتيان بالتسليمتين في الصلوات المكتوبة، كما روى أحمد ومسلم وأصحاب السنن عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسلم عن يمينه ويساره: "السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله، حتى يرى بياض خده"، وعن عامر بن سعد عن أبيه قال: كنت أرى النبي صلى الله عليه وسلم يسلم عن يمينه وعن يساره حتى يرى بياض خده؛ رواه أحمد ومسلم والنسائي وابن ماجه.
قد ذهب أكثر أهل العلم إلى وجوب التسليمة الأولى، واستحباب الثانية، أوجبها الإمام أحمد في رواية عنه.
قال النووي في المجموع (3/ 482): "مذهبنا الواجب تسليمة واحدة ولا تجب الثانية وبه قال جمهور العلماء أو كلهم"
إذا عرف هذا فيجوز للإمام أن يقتصر على تسليمة واحدة ولا ينكر عليه، أما المأموم فله أن يسلم واحدة مثل إمامه أو يسلم تسليمتين؛ لأنه متابعة الإمام انقطعت بالتسليم، ومن ثمّ فلا يتحقق مخالفة الإمام بالتسليمتين، وقد نصّ على ذلك الإمام النووي فقال في "المجموع"(4/ 240):
"وإن ترك سنة فإن كان في اشتغال المأموم بها تخلف فاحش كسجود التلاوة والتشهد الأول، لم يجز للمأموم الإتيان بها، فإن فعلها بطلت صلاته، وله فراقه ليأتي بها، وإن ترك الإمام سجود السهو أو التسليمة الثانية أتى به المأموم؛ لأنه يفعله بعد انقضاء القدوة".
ولكن أن كان يترتب على ذلك مفسدة أو نفرة المصلين، أو تفريق الناس أو غيرها من المفاسد، فحينئذ يقتصر على تسليمة واحد أو يستسر بالثانية فيسلم تلقاء وجهه.
قال شيخ الإسلام في معرض كلامه عن جلوس المأموم جلسة الاستراحة ولم يفعل ذلك الإمام: "مجموع الفتاوى" (22/ 451): "... من فعلها لم ينكر عليه وإن كان مأمومًا؛ لكون التأخر بمقدار ما ليس هو من التخلف المنهي عنه عند من يقول باستحبابها وهل هذا إلا فعل في محل اجتهاد، فإنه قد تعارض فعل هذه السنة عنده والمبادرة إلى موافقة الإمام، فإن ذلك أولى من التخلف، لكنه يسير فصار مثل ما إذا قام من التشهد الأول قبل أن يكمله المأموم والمأموم يرى أنه مستحب، أو مثل أن يسلم وقد بقي عليه يسير من الدعاء هل يسلم أو يتمه؟ ومثل هذه المسائل هي من مسائل الاجتهاد، والأقوى أن متابعة الإمام أولى من التخلف لفعل مستحب". اهـ.
هذا؛ والله أعلم.
خالد عبد المنعم الرفاعي
يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام
- المصدر: