هل يجوز رفع بنيان الكعبة لرفع الحرج عن المسلمين
كنت قد سمعت انه لا يصح الصلاة علي سطح الكعبة و هناك من افتي بعدم جواز الصلاة علي سطح مرتفع ملاصق للكعبة فهل يجوز رفع بنيان الكعبة لرفع الحرج عن المسلمين وبذلك يكون سطح الكعبة اعلي مما سواه
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالواجب على المصلي الذي لا يشاهد الكعبة أن يستقبل جهة الكعبة وليس عين الكعبة، ومن ثمّ فلا يفرق أن كانت الكعبة عالية جدًا أو على نفس أسس إبراهيم عليه السلام؛ قال تعالى: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} [البقرة: 144]، ، وقوله: {وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} [البقرة: 150]، وشطره: نحوه وتلقاؤه، فالواجب استقبال جهة الحرم لا عين الكعبة.
والعلماء مجمعون على صحة صلاة الصف الطويل الذي يخرج عن مسامتة الكعبة، فكذلك تصح صلاة من خرج عن مسامتة الكعبة في الارتفاع.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (22/ 207-209):
وهو سبحانه أمره بأن يولي وجهه شطر المسجد الحرام، والمسجد الحرام هو الحرم كله كما في قوله: { فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَ} [التوبة: 28]، وليس ذلك مختصًا بالكعبة وهذا يحقق الأثر المروي: "الكعبة قبلة المسجد، والمسجد قبلة مكة، ومكة قبلة الحرم، والحرم قبلة الأرض"، وقد ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم "أنه صلى في قبلة الكعبة ركعتين وقال: هذه القبلة"، وثبت عنه في الصحيحين أنه قال: "لا تستقبلوا القبلة بغائط ولا بول، ولا تستدبروها، ولكن شرقوا أو غربوا"، فنهى عن استقبال القبلة بغائط أو بول، وأمر باستقبالها في الصلاة، فالقبلة التي نهى عن استقبالها واستدبارها بالغائط والبول هي القبلة التي أمر المصلي باستقبالها في الصلاة، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما بين المشرق والمغرب قبلة"؛ قال الترمذي حديث صحيح.، وهكذا قال غير واحد من الصحابة: مثل عمر وعثمان وعلي بن أبي طالب وابن عباس وابن عمر وغيرهم، ولا يعرف عن أحد من الصحابة في ذلك نزاع، وهكذا نص عليه أئمة المذاهب المتبوعة وكلامهم في ذلك معروف.
فإذا بعد الناس عنها كانوا مصلين إلى جهتها وهم مصلون إليها أيضًا، ولو كان الصف طويلاً يزيد طوله على قدر الكعبة صحت صلاتهم باتفاق المسلمين، وإن كان الصف مستقيمًا حيث لم يشاهدوها.
ومن المعلوم أنه لو سار من الصفوف على خط مستقيم إليها لكان ما يزيد على قدرها خارجًا عن مسافتها، فمن توهم أن الفرض أن يقصد المصلي الصلاة في مكان لو سار على خط مستقيم وصل إلى عين الكعبة فقد أخطأ، ومن فسر وجوب الصلاة إلى العين بهذا وأوجب هذا فقد أخطأ، وإن كان هذا قد قاله قائل من المجتهدين فهذا القول خطأ خالف نص الكتاب والسنة وإجماع السلف؛ بل وإجماع الأمة؛ فإن الأمة متفقة على صحة صلاة الصف المستطيل الذي يزيد طوله على سمت الكعبة بأضعاف مضاعفة وإن كان الصف مستقيما لا انحناء فيه ولا تقوس". مختصرًا.
إذا تقرر هذا؛ فالصلاة في أي مكان مرتفع صحيحة بإجماع العلماء على صحة صلاة من صلى فوق شاهق جبل، ومن أفتى ببطلان الصلاة فوق أعلى من الكعبة فقد خرق إجماع الأئمة، والنهي عن الصلاة فوق ظهر بيت الله لم يصح.
وعليه فلا يصح رفع بنيان الكعبة المشرفة، لأن الواجب بقائها على أساس خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام،، والله أعلم.
خالد عبد المنعم الرفاعي
يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام
- المصدر: