حكم سكن أخوة الزوج مع أخيه المتزوج
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته وبعد أنا متزوجة وأم لطفلين صغيرين أسكن في شقة صغيرة لا تتجاوز ٥٥مترا ويسكن معنا أخ زوجي ولدينا حمام واحد وقلت لزوجي مرارا أن هذا لا يجوز وهو يقول لي لا أستطيع أن أطرده من البيت فكرت أن أعود إلى بلدي حتى يسوي أخاه وضعيته لكني خفت على شتات أسرتي سنة كاملة وهو ساكن معنا عرفة نومنا قريبة على غرفة نومه كثيرا هل علي إثم أرجو الجواب من فضلكم
الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:
فقد أجمع الأئمة على أن مِنْ حَقِّ الزوجة أنْ يكونَ لها مَسْكَنٌ مستقِلٌّ، ولا يَلْزَمُها قبولُ السكن مع أهل زوجِكِ أو أحد من إخوته الذكور؛ لأن حجاب المرأة واجب أمام الرجال الأجانب - ومنهم إخوةُ الزوجِ، كما لا يَحِلُّ لزوجة الأخ الاختلاطُ بأخوة زوجها بالصورة المذكورة في السؤال، لأنه ليس من المحارم، فليس له النظر إلى وجه زوجة أخيه، ولا يجوز لها أن ترفع جلبابها عندهم لما في ذلك من افتتانهم بها، وقد حَذَّرَنا الشارع الحكيم مِن الدخول على النساء، ومن الخلوة بهن؛ فقال صلى الله عليه وسلم: "إياكم والدُّخول على النِّساء"، قالوا: "يا رسولَ الله، أرأيت الحَمْوَ؟"، قال: "الحَمْوُ الموتُ"، والحَمْوُ هو أخ الزوج وغيره من أقاربه، يعني: أنَّه هو الشرُّ الذي يجبُ الفِرارُ مِن الخلوة به، لأنه يؤتمن بخلاف غيره ويتساهل في دخوله على زوجة أخيه، دون أنْ يُنْكِرَ عليه أَحدٌ، وهذا تنفير منه وبيان للخطر العظيم في مخالطته، وإنما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذك لئلا يرخي لهم الشيطان عنان الغواية، ويمشي بينهم بالفساد ويوسوس لهم ويزين لهم المعصية؛ فـ"إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم0"؛ كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم عند البخاري، حتى قال صلى الله عليه وسلم: "لا يخلون رجل بامرأة فإن الشيطان ثالثهما"؛ رواه الإمام أحمد بإسناد صحيح عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
قال الإمام النووي في "شرح مسلم" (14/ 154):
"وأما قوله صلى الله عليه وسلم الحمو الموت فمعناه: أن الخوف منه أكثر من غيره، والشر يتوقع منه والفتنة أكثر؛ لتمكنه من الوصول إلى المرأة والخلوة من غير أن ينكر عليه، بخلاف الأجنبي، والمراد بالحمو هنا أقارب الزوج غير آبائه وأبنائه... وانما المراد الأخ وابن الأخ والعم وابنه ونحوهم ممن ليس بمحرم، وعادة الناس المساهلة فيه ويخلو بامرأة أخيه فهذا هو الموت، وهو أولى بالمنع من الأجنبي لما ذكرناه... وقال بن الأعرابي: هي كلمة تقولها العرب كما يقال الأسد الموت أي لقاؤه مثل الموت، وقال القاضي معناه الخلوة بالأحماء مؤدية إلى الفتنة والهلاك في الدين، فجعله كهلاك الموت، فورد الكلام مورد التغليظ". اهـ.
والشارعُ الحكيمُ أمر بصلة الأخ بالمعروف، وليس من المعروف إقامة الأخ في بيت أخيه المتزوج بهذه الصورة المصادمة للشريعة، وواقع الناس مليء بالويلات بسبب التساهل في دخول الأقارب الرجال على النساء.
إذا عرف هذا، فيجب عليك إخبار زوجك بهذا الحكم، وأطلعيه على تلك الفتوى وغيرها من كلام أهل العلم، وأنه لن يمكنك الإقامة مع أخيه مرة ثانية، ومساعدة الأخ تكون بسل مباحة كثيرة أخرى، وليس على حساب زوجته وأبنائه، فالله تعالى قد أعطى كل ذي حق حقه، فإن أصرّ على موقفه، فاستأذنيه في العودة والإقامة في بلدك؛ لعله ينتهي لما يرى إصرارك على ترك المنزل؛ فالرجل هو رئيس البيت والقائم عليه وأول مهامه حفظ زوجته؛ قال الله تعالى {وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [البقرة: 228]، {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} [النساء: 34]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين عن ابن عمر: "كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته، الإمام راع ومسئول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهو مسئول عن رعيته"؛ الحديثَ،، والله أعلم.
خالد عبد المنعم الرفاعي
يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام
- المصدر: