حكم االمضاربة في الفوركس لتعويض الخسارة
السلام عليكم انا شاب عندي 22 سنة من فترة حوالي سنتين او اكتر عرفت مجال الفوركس بس الحمد لله لما سالت عنه مكملتش فيه بس خلال الفترة دي كان والدي عرف مني المجال ده ودخل فيه وانا قولتله انت سالت عليه فهوا بص عنه في النت وقالي انه حلال فانا معرفتش اقوله لا او مقدرتش فقولت اسيبه ممكن يخسر وبعدها يبعد وميفكرش فيه تاني خصوصا ان مبلغ التداول كان عرض من الشىركة مش بفلوسه وبعدين خسر وابتدى يودع فلوس من معاه ويخسر وخسر مبلغ كبير جدا تقريبا كل اللي معاه وهوا دلوقتي ندمان وبه من الهم ما الله به عليم ومش عارف يبطل لانه محتاج فلوس لان اختي فاضلها سنة في الكلية وبعد كده هيحتاج فلوس لجوازها فهل انا ممكن ادخل اساعده يرجع اللي خسره بحيث انه يرجع راس ماله ويبطل بعدها . ارجو الرد وشكرا .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك أن التعامل بنظام الفوركس لا يجوز شرعًا ولا يسلم المتعامل في من الوقوع في الحرام الصريح، فإن سلم من مخالفة وقع في غيرها، لأن محاذيرها كثيرة، سواء في علاقة العميل مع الوسيط فإنه يقرض العميل إما بفائدة أو بشرط أن يتعامل في السوق عن طريقه، وهذا كله حرام، لأن العلاقة بين الوسيط والعميل هو التعامل بالهامش، والذي هو إقراض الوسيط للعميل أضعاف المبلغ الذي يفتح به الحساب، ويترتب عليه الوقوع في الربا الصريح المتمثل في الزيادة على مبلغ القرض، والمسماة رسوم التبييت، واجتماع سلف ومعاوضة، وهو نفس معنى حرمة الجمع بين السلف والبيع؛ كما في الحديث الصحيح، "لا يحل سلف وبيع"؛ رواه الترمذي، وأيضًا فهو قرض جرّ نفعًا وهو ربا، والوسيط في كثير من الحالات يبيع ما لا يملك، ولا يتحقق شروط الصرف المعروفة من التقابض، فالوسيط يقرض ما ليس عنده، والعميل يبيع ما لا يملك، مما يجعل المضاربة في الفوركس صورية، وإنما هو مجرد التزام على الوسيط، والتداول يحصل بالأرقام، ولا يحصل القبض إلا بعد يومي عمل، والوسيط يشترط على العميل (المقترض) أن يكون بيعه وشراؤه عن طريقه، ليستفيد عمولة عن كل عملية بيع وشراء للعميل.
هذا؛ وقد أصدر منع مجمع الفقه الإسلامي قرارا يمنع من التعامل في نظام الفوركس، في دورته الثامنة عشرة المنعقدة بمكة المكرمة، في الفترة من 10-14/3/1427هـ الذي يوافقه 8-12 إبريل 2006م، وأصدر القرار التالي:
"يرى المجلس أن هذه المعاملة لا تجوز شرعًا للأسباب الآتية:
أولا: ما اشتملت عليه من الربا الصريح، المتمثل في الزيادة على مبلغ القرض، المسماة "رسوم التبييت"، فهي من الربا المحرم، قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ* فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ} [البقرة: 278، 279].
ثانيا: أن اشتراط الوسيط على العميل أن تكون تجارته عن طريقه، يؤدي إلى الجمع بين سلف ومعاوضة "السمسرة"، وهو في معنى الجمع بين سلف وبيع، المنهي عنه شرعا في قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "لا يحل سلف وبيع"؛ الحديث رواه أبو داود (3/384) والترمذي (3/526) وقال: حديث حسن صحيح، وهو بهذا يكون قد انتفع من قرضه، وقد اتفق الفقهاء على أن كل قرض جر نفعا فهو من الربا المحرم.
ثالثا: أن المتاجرة التي تتم في هذه المعاملة في الأسواق العالمية غالبًا ما تشتمل على كثير من العقود المحرمة شرعا، ومن ذلك:
1- المتاجرة في السندات، وهي من الربا المحرم، وقد نص على هذا قرار مجمع الفقه الإسلامي بجدة رقم (60) في دورته السادسة.
2- المتاجرة في أسهم الشركات دون تمييز، وقد نص القرار الرابع للمجمع الفقهي الإسلامي برابطة العالم الإسلامي في دورته الرابعة عشرة سنة 1415هـ على حرمة المتاجرة في أسهم الشركات التي غرضها الأساسي محرم، أو بعض معاملاتها ربا.
3- بيع وشراء العملات يتم غالبا دون قبض شرعي يجيز التصرف.
4- التجارة في عقود الخيار وعقود المستقبليات، وقد نص قرار مجمع الفقه الإسلامي بجدة رقم (63) في دورته السادسة، أن عقود الخيارات غير جائزة شرعا، لأن المعقود عليه ليس مالاً، ولا منفعة ولا حقًا ماليًا يجوز الاعتياض عنه، ومثلها عقود المستقبليات والعقد على المؤشر.
5- أن الوسيط في بعض الحالات يبيع ما لا يملك، وبيع ما لا يملك ممنوع شرعًا.
رابعا: لما تشتمل عليه هذه المعاملة من أضرار اقتصادية على الأطراف المتعاملة، وخصوصًا العميل (المستثمر)، وعلى اقتصاد المجتمع بصفة عامة؛ لأنها تقوم على التوسع في الديون، وعلى المجازفة، وما تشتمل عليه غالبًا من خداع وتضليل وشائعات، واحتكار ونجش وتقلبات قوية وسريعة للأسعار، بهدف الثراء السريع والحصول على مدخرات الآخري بطرق غير مشروعة، مما يجعلها من قبيل أكل المال بالباطل، إضافة إلى تحويل الأموال في المجتمع من الأنشطة الاقتصادية الحقيقية المثمرة إلى هذه المجازفات غير المثمرة اقتصاديًا، وقد تؤدي إلى هزات اقتصادية عنيفة تلحق بالمجتمع خسائر وأضرار فادحة". اهـ. من "مجلة المجمع الفقه الإسلامي" العدد (22 /229 ).
وعليه؛ فلا يجوز الدخول في هذه المعاملات المحرمة بغرض تعويض خسائر الوالد، ولا مساعدته على التعويض؛ لأن هذا أشبه بالقمار الغير مأمون العواقب، ولأن الغاية الحلال لا تبرر الوسيلة المحرمة،، والله أعلم.
خالد عبد المنعم الرفاعي
يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام
- المصدر: