أجبرت زوجتي أن تحلف ألا تذهب لأهلها
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته منذ يومن حدث مشكلة بيني و بين زوجتي و وصل الامر للصراخ و الغضب الشديد و كلامها اغضبني اكتر لذالك اجبرتها ان تحلف على المصحف ان لا تزور اهلها و الان انا نادم و سمحت لها بزياره اهلها لكن ماذا بشان الحلف على المصحف الذي اجبرتها عليه
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فإن الله تعالى نهى عباده المؤمنين أن يجعلوا أيمانهم مانعة من البر والعمل الصالح، كصلة الرحم والصلح بين الناس، وغيرها، فمن حلف على ترك واجب وجب عليه الحنث، وحرم إقامته على يمينه، ومن حلف على فعل محرم، وجب الحنث؛ قال الله تعالى: {وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 224]
قال الإمام الطبري في تفسير (4/ 6): "يقول: لا تعتلوا بالله أن يقول أحدكم: إنه تألى أن لا يصل رحمًا، ولا يسعى في صلاح، ولا يتصدق من ماله، مهلاً مهلاً بارك الله فيكم! فإن هذا القرآن إنما جاء بترك أمر الشيطان، فلا تطيعوه، ولا تنفذوا له أمرا في شيء من نذوركم، ولا أيمانكم، ثم روى عن سعيد بن جبير: قال: هو الرجل يحلف لا يصلح بين الناس ولا يبر، فإذا قيل له قال: قد حلفت...
عن ابن جريج، قال: سألت عطاء عن قوله:{وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ} [البقرة: 224] قال: الإنسان يحلف أن لا يصنع الخير الأمر الحسن يقول: حلفت، قال الله: افعل الذي هو خير، وكفر عن يمينك، ولا تجعل الله عرضة". اهـ.
إذا تقرر هذا؛ فيجب عليك كفَّارة يَمين؛ قال تعالى: {لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [المائدة: 89]، وفي الصحيح قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم -: "مَن حلَف على يَمينٍ فرأى غيرَها خيرًا منْها، فليأْتِ الَّذي هو خير، وليكفِّرْ عن يَمينِه".
والكفَّارة هي: عتْق رقبة، أو إطْعام عشَرة مساكين أو كسوتهم، فإن عجزتْ عن الإتيان بواحدةٍ من الثلاثة، صامتْ ثلاثة أيَّام.
ولكن إن كانت زوجتك مجبرة على اليمين كما تقول، فلا كفارة عليها؛ لأن الإكراه يمنع القصد إلى اليمين وهو شرط في انعقاد اليمين، والإكراه المعتبر هو الإكراه الملجئ بالتهديد بالضرب أو نحوه مما يتأذي منه عادة؛ {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ} [البقرة: 225]، أي: ما تعمدت.
قال القرطبي في "تفسيره" (10/ 186):
"وأما يمين المكره فغير لازمة. عند مالك والشافعي وأبي ثور وأكثر العلماء. قال ابن الماجشون: وسواء حلف فيما هو طاعة لله أو فيما هو معصية إذ أكره على اليمين، وقاله أصبغ. وقال مطرف: إن أكره على اليمين فيما هو لله معصية أو ليس في فعله طاعة ولا معصية فاليمين فيه ساقطة". اهـ.
هذا؛ والله أعلم
خالد عبد المنعم الرفاعي
يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام
- المصدر: