الاستدانة للحج
السلام عليكم هل يجوز لي الاستدانة للحج وارجاع الدين فيما بعد يرجى افادتنا حسب المذاهب الاربعة وجزاكم الله خيرا مشكورين مسبقا
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَنْ والاه، ثم أمَّا بعد:
فلا خلاف بين أهل العلم في أن الحج لا يجب إلا بشرط الاستطاعة، وأن غير المستطيع لا يجب عليه؛ لقول الله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران: 97].
وقد فُسِّرَت الاستطاعة في الآية بالزَّاد والراحلة، فمَنْ لم يجد ما يكفيه من النَّفقة خلال فترة الحجِّ لنفسه ولمن تجب عليه نفقته - لم يجب عليه الحجُّ.
ولا يجب عليه أن يستدين ليؤدِّي الحجَّ؛ لأن قضاء الدين من الحوائج الأصلية، وبهذا الاعتبار هو آكد من الحج، ولأن الاستطاعة الماليَّة والبَدَنيَّة من أسباب وجوب الحج، والمسلم غير مطالَب بتحصيل السبب، كما هو مقرَّرٌ عند الأصولييِّن.
ولكن استدان للحجَّ وهو يرجو وفاء صحَّ حجُّه؛ وهو كمَنْ لم تجب صلاة الجمعة لمرض أو سفر أو غيرهما؛ فلو حصَّلها صحَّت منه عند الجميع.
جاء في الموسوعة الفقهية: "ما شرط الله لوجوبه الاستطاعة، كالحج، فإن كان لا يرجو الوفاء فالاستدانة لأجله مكروهة أو حرام عند المالكية، وخلاف الأفضل عند الحنفية، أما إن كان يرجو الوفاء فيجب عليه عند المالكية، والشافعية، وهو الأفضل عند الحنفية.
وعند الحنابلة - يفهم مما في المغني - أنه إن أمكنه الحج بالاستدانة لم يلزمه ذلك، ولكن يستحب له إن لم يكن عليه في ذلك ضرر أو على غيره". اهـ.
وجاء في "الأم" للإمام الشافعي (2/ 127): "(باب الاستسلاف للحج)، أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد بن سالم عن سفيان الثوري عن طارق بن عبد الرحمن عن عبد الله بن أبي أوفى صاحب النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال سألته عن الرجل لم يحج أيستقرض للحج؟ قال: لا.
قال الشافعي: ومن لم يكن في ماله سعة يحج بها من غير أن يستقرض، فهو لا يجد السبيل، ولكن إن كان ذا عرض كثير، فعليه أن يبيع بعض عرضه، أو الاستدانة فيه حتى يحج، فإن كان له مسكن وخادم وقوت أهله بقدر ما يرجع من الحج إن سلم، فعليه الحج، وإن كان له قوت أهله أو ما يركب به لم يجمعهما، فقوت أهله ألزم له من الحج عندي والله أعلم، ولا يجب عليه الحج حتى يضع لأهله قوتهم في قدر غيبته". اهـ.
هذا؛ والله أعلم.
خالد عبد المنعم الرفاعي
يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام
- المصدر: