علاج الاستهزاء بالآخرين

منذ 2020-03-12
السؤال:

انا استهزأت فيه ناس كثيرا بعضها من قلبي وبعضها ظاهرت للأشخاص وبعضها ظاهرت للأشخاص لاكن لا أعرف هل عرف الشخص هذا اما لا هل فيه غير الاعتذار اما لا لانو صعب علي جدا أن اعتذر واعترف بخطى انا نادمة جدا وخايفة كلها بسبب وسواس بالبدايه وبعدها صارت حقيقة

الإجابة:

الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومن والاهُ، أمَّا بعدُ

فالشريعة الإسلامية حرمة السخرية والاستهزاء واللمز والهمز والتنابز بالألقاب، وبين أن ذلك الفعل من الفسوق والظلم، وتوعّد فاعله بالويل، كما يُخشى على المستهزئ أن يعاقب بمثل ما استهزأ به من الآخرين؛ قال الله تعالى: { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [الحجرات: 11].

فالمجتمع المسلم عالم نقي نظيف عف اللسان، وعف السريرة، عالم له أدب مع الله، وأدب مع رسوله، وأدب مع نفسه، وأدب مع غيره، وشرائعه تكفل حماية كرامة كل شخص.

 ومن أعظم ما يعين المسلم على الابتعاد عن ذلك الخلق الذميم، العلم بأن من سخر منه سيأخذ من حسناته يوم القيامة، فإن لم يكن له حسنات حُمّل عليه من أوزاره وسيئاتهم بقدر إساءته، وكفى بذلك رادعًا لأصحاب القلوب الحية، التي تستشعر أخذ حسناتها فإذا فرغت الحسنات أخذ من سيئاتهم فوضع عليه ثم ألقي في النار، فتمت خسارته وهلاكه وإفلاسه؛ وهذا من أشد الغبن.

ففي "الصحيح" عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: "أتدرون ما المفلس؟"، قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال: "إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة، وصيام، وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه، ثم طرح في النار".

فالواجب عليك التوبة إلى الله والندم على الذنب، والعزم على عدم العود لها مستقبلاً،

 والإكثار من الأعمال الصالحة، والكثار من ذكر الله؛ فالذكر حرز من الوقوع في معصية الله؛ قال سبحانه: {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} [العنكبوت: 45]، أي فذكر الله أكبر من أن تبقى معه معصية، كما قال البغوي في "تفسيره".

 كما يجب عليك طلب العفو والمسامحة ممن سخرت منهم؛ ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كانت له مظلمة لأخيه من عرضه أو شيء، فليتحلله منه اليوم، قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه"

إلا أن غلب على ظنك أنه يترتب على إخباره مفسدة أشد، فحينئذ تكثر له من الدعاء والاستغفار، والثناء عليها أما من لمزته عندهم،، والله أعلم.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام