هل من مات بفيروس كورونا يكون شهيدًا

منذ 2020-04-20
السؤال:

هل من مات بفيروس كورونا يكون شهيد أم ماذا يكون حكمه ؟

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:

فإن المتأمل للنصوص الشرعية التي جعلت بعض الميتات لها حكم الشهادة في الآخرة، مثل المبطون والغريق واللديغ، وغيرها، يدرك أن الحكمة من هذا هو أن بعض الميتات أصعب وأشد من بعض، ومن ثمَّ جعل الله الكريم الرحيم لها أجر الشهادة في الآخرة؛ بسبب شدتها وكثرة ألمها؛ كما في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " الشهداء خمسة: المطعون، والمبطون، والغرق، وصاحب الهدم، والشهيد في سبيل الله".

 وعن جابر بن عتيك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الشهادة سبع سوى القتل في سبيل الله: المطعون شهيد، والغرق شهيد، وصاحب ذات الجنب شهيد، والمبطون شهيد، وصاحب الحريق شهيد، والذي يموت تحت الهدم شهيد، والمرأة تموت بجِمع شهيدة"؛ رواه أحمد وأصحاب السنن، وقوله: "والمرأة تموت بجِمع شهيدة": أي المرأة تموت بالولادة.

وروى أحمد عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما تعدون الشهيد فيكم؟" قالوا: من قتل في سبيل الله. قال: "إن شهداء أمتي إذا لقليل، القتل في سبيل الله شهادة، والبطن شهادة، والغرق شهادة، والنفساء شهادة، والطاعون شهادة".

قال الحافظ ابن حجر فتح الباري لابن حجر (6/ 43-44): "وقد اجتمع لنا من الطرق الجيدة أكثر من عشرين خصلة، فإن مجموع ما قدمته مما اشتملت عليه الأحاديث التي ذكرتها أربع عشرة خصلة، وتقدم في باب من ينكب في سبيل الله حديث أبي مالك الأشعري مرفوعًا: "من وقصه فرسه أو بعيره، أو لدغته هامة، أو مات على فراشه على أي حتف شاء الله تعالى فهو شهيد"، وصحح الدارقطني من حديث بن عمر: "موت الغريب شهادة"، ولابن حبان من حديث أبي هريرة: "من مات مرابطًا مات شهيدًا"، الحديثَ، وللطبراني من حديث بن عباس مرفوعًا: "المرء يموت على فراشه في سبيل الله شهيد"، وقال ذلك أيضًا: "في المبطون واللديغ والغريق والشريق والذي يفترسه السبع والخار عن دابته وصاحب الهدم وذات الجنب"،  ولأبي داود من حديث أم حرام: "المائد في البحر الذي يصيبه القيء له أجر شهيد"، وقد تقدمت أحاديث فيمن طلب الشهادة بنية صادقة أنه يكتب شهيدًا، في باب تمني الشهادة، ويأتي في كتاب الطب حديث "فيمن صبر في الطاعون أنه شهيد"، وتقدم حديث عقبة بن عامر: فيمن صرعته دابته، وأنه عند الطبراني، وعنده من حديث ابن مسعود بإسناد صحيح: "أن من يتردى من رؤوس الجبال، وتأكله السباع، ويغرق في البحار، لشهيد عند الله"، ووردت أحاديث أخرى في أمور أخرى لم أعرج عليها لضعفها.

قال بن التين: هذه كلها ميتات فيها شدة، تفضل الله على أمة محمد صلى الله عليه وسلم بأن جعلها تمحيصًا لذنوبهم، وزيادة في أجورهم، يبلِّغهم بها مراتب الشهداء". اهـ.

إذا تقرر هذا، فيرجى من الله تعالى أن يكون لموتى فيروس كرونا من المسلمين أجر الشهداء، قياسًا على ما ورد به النص للعلة الجامع وهي شدة الموتة، وكثرة ألمها، وقد قاس أهل العلم على شهيد الآخرة من قتل مظلومًا وغيره لتحقق تلك العلة، ومن المقرر أن الشريعة الإسلامية تجمع بين المتماثلات وتفرق بين المختلفات في الحكم،، والله أعلم.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام