هل الاستمناء مع الحبيبة من الزنا
عندي سؤال ولله ندمان حصل مصيبة مع حبيبتي عمل لي استمناء هل هذه من زنا ؟
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فمن المعلوم من دين الإسلام بالضرورة تحريم أي علاقة بين الجنسين إلا في ظل زواج شرعي، والحكمة من هذا أنها الخطوة الأولى للوقوع في فاحشة الزنا، ولذلك حرم الشارع الكريم الخلوة بالأجنية، واتَّفق عامَّةُ عُلماء الأمَّة مِن السَّلف والخَلَف؛ من الفُقَهاء والمُفسِّرين وأهل الحديث وغيرهم - على تحريم لمس بدن المرأة الأجنبِيَّة، وقد وَرَد الوَعيد الشَّديدُ لفاعل ذلك؛ فعن مَعقِل بن يَسارٍ رضي الله عنه، قال: "قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: "لأن يُطْعَن أحدُكم بِمِخيَط مِن حَديدٍ، خيرٌ له مِن أن يَمَسَّ امرأةً لا تَحِلُّ له"؛ أخرجه الطبرانيُّ، ورجاله ثِقات، وكذا رواه البيهقيُّ.
وعن عائشةَ رضي الله عنها قالتْ: "والله ما أخذ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم النِّساء قطُّ إلَّا بما أمره الله تعالى، وما مَسَّتْ كَفُّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم كَفَّ امرأةٍ قطُّ".
كما اتفق أهل العلم على حرمة التكشف، وأنه لا يَجوزُ الحديث الماجن، فضلاً عن الاستمناء.
إذا تقرر هذا فيجب عليك قطع علاقتك بتلك المرأة والتوبة والاستغفار والندم، والإقلاع عن الذنب بالعزم على عدم العود، ولتحذر من التمادي حتى لا تقع في الفاحشة الكبرى، فما وقعتَ فيه هو من استِدْراج الشَّيطان؛ وقد قال - تعالى -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ} [النور: 21].
غير أنه من الزنا المجازي، وليس هو الزنا الحقيقيُّ، وأمَّا الزِّنا المجازي، فهو كما قال النَّبيُّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: "كُتِبَ على ابْنِ آدم نصيبُه من الزِّنا، مُدرِكٌ ذلك لا محالة، فالعَيْنان زِناهُما النَّظر، والأُذُنان زناهُما الاستِماع، واللِّسان زناه الكلام، واليد زِناها البطْش، والرِّجْل زِنَاها الخُطَى، والقلب يَهوَى ويَتَمنَّى، ويُصَدِّق ذلك الفَرج ويُكَذِّبُهُ"؛ متَّفق عليْه عن أبي هُريْرة.
قال النَّووي - رحِمه الله تعالى - في "شرح مسلم": "إنَّ ابن آدم قدِّر عليْه نصيبُه من الزنا، فمِنْهم مَن يكون زناه حقيقيًّا، بإدْخال الفرْجِ في الفرْج الحرام، ومنهم من يكون زِناه مجازًا، بالنَّظر إلى الحرام، أو الاستِماع إلى الزِّنا وما يتعلَّق بتحصيلِه، أو بالمسِّ باليد، بأن يمسَّ أجنبيَّة بيدِه أو بتقْبِيلِها، أو بالمشْي بالرِّجْل إلى الزِّنا، أو النَّظر، أو اللَّمس، أو الحديث الحرام مع أجنبيَّة، ونحو ذلك، أو بالفِكْر بالقلب، فكل هذه أنْواع من الزِّنا المجازي".
فاقطع أي علاقة مع هذا الفتاة، ولتعزم على عدم العود في المستقبل، والندم على ما كان، والإكثار من العمل الصالح؛ في الصحيحين عن ابن مسعود، أن رجلا أصاب من امرأة قبلة، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبره فأنزل الله عز وجل: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} [هود: 114]، فقال الرجل: يا رسول الله ألي هذا؟ قال: "لجميع أمتي كلهم".
هذا؛ والله أعلم.
خالد عبد المنعم الرفاعي
يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام
- المصدر: