الموت من عدم تناول الطعام
فلا يجوز الامتناع عن الطعام إذا أدى إلى موت أو إتلاف عضو، وصاحبه يعتبر قاتل لنفسه.
الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومن والاهُ، أمَّا بعدُ:
فالواجب على المسلم أن يأكل ما به بقاء نفسه، ولا يجوز له ترك الطعام حتي يهلك وتتلف أعضاؤه؛ والشارعُ الحكيم نهانا عن إهلاك أنفسنا، قال تعالى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [البقرة: 195].
أباح الله تعالى لعباده الطيبات من الرزق ليحافظوا على صحتهم، ويتقووا بذلك على طاعته وطلب مرضاته، ونهاهم عن الوصال في الصيام لئلا يضعفوا أو يتضرروا، فقال سبحانه: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا} [البقرة: 168]، وقال:{الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ} [المائدة: 5].
وحرم سبحانه كل ما يلحق الضرر بالبدن من مطعم ومشرب؛ فقال: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف: 157]، ونعى على أقوام أنهم امتنعوا عن بعض ما أحل الله تزهداً وتنسكاً،{قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [الأعراف: 32].
وتوعد سبحانه من تسبب في قتل نفسه أشد وعيد حيث قال: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا* وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا} [النساء: 29، 30].
ومن ثمّ إن لم يجد إلا الميتة يجب عليه أكل ما يبقيه حيًا؛ كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (18/ 12): "كما يجب أكل الميتة عند الضرورة، فإنه واجب عند الأئمة الأربعة وجمهور العلماء، وقد قال مسروق: من اضطر إلى أكل الميتة فلم يأكل حتى مات دخل النار".
إذا تقرر هذا؛ فلا يجوز الامتناع عن الطعام إذا أدى إلى موت أو إتلاف عضو، وصاحبه يعتبر قاتل لنفسه،، والله أعلم.
خالد عبد المنعم الرفاعي
يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام
- التصنيف:
- المصدر: