حكم تخيل نفسي مفعول به مع شاب

منذ 2020-07-28

فالطريقُ إلى السلامة من شر الشيطان هو الالتجاءُ إلى الله بالتوحيد، والاستعاذة به معتمدًا بقلبك على الله في صَرْفِه، مجتهدًا في دفْع وساوسه وأفكاره الرديئة، ولْتُجاهدْ نفسَك في ذات الله؛ ليتحقَّقَ لك الشفاءُ.

السؤال:

السلام عليكم انا شاب ابلغ من العمر ٣٨ عاماً ومتزوج ولدي ٤ بنات ومتدين واصلي واصوم واعرف حدود الله جيداً لدى مشكله انني منذ الصغر اتخيل نفسي في وضع المفعول به مع شاب واستمتع بهذا التخيل واقوم بممارسة العاده السريه اثناء هذا التخيل واقوم بادخال اصبعي في مؤخرتي لزيادة الاستمتاع وبعد الزواج اقنعت زوجتي ان تقوم معي بهذا الفعل بادخال اصبعها في مؤخرتي اثناء الجماع انا امارس الجماع مع زوجتي بطريقه طبيعيه حتى الانزال واشتهي النساء بشكل طبيعي جداً ولكن دائماً لدي هذه المشكله اني استمتع بتخيل نفسي مع شاب اخر في وضع المفعول به حاولت كثيراً التخلص من هذه التخيلات بزيادة الصلاه والدعاء الى الله ان يخلصني من هذا الداء وكنت ابتعد لفتره عن هذا ولكنني كنت اعود مره اخري مع العلم اني رجل في كل تصرفاتي تجاه الاخرين واتعامل برجوله تامه مع كل اصدقائي من الرجال ولا اشتهي رجل ابداً بل بالعكس دائماً اشتهي النساء ارجو الافاده هل ماافعله مع زوجتي حلال ام حرام من انها تفعل بي ذلك او اقوم انا بفعل ذلك في نفسي وارجو ان تعلم يافضيلة الشيخ اني لم افعل اى فاحشه في حياتي مع اى رجل ولا اتمنى ذلك من داخلي ولكن هى تخيلات فقط واستمتاع بلمس مؤخرتي وادخال شئ فيها ارجو الرد حيث انني معذب من هذا الموضوع ولا اعرف ماذا افعل هل فعلي مع زوجتي حلال لانها زوجتي ويحل لها كل مكان في جسمي ويحل لي ايضاً كل مكان فيها ام ذلك حرام

الإجابة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبه ومن والاه، أما بعدُ:

فإنَّ الله - تعالى - خلق عباده أسوياء على فِطْرة الإسلام، وأنزل الكتب

ولتعلم أن محبةُ الفواحش مرضٌ في القلب، فالشهوةُ توجب السُّكر وتُغَيِّب العقل، ومِن ثمَّ فلا دواء لمرض القلب إلا بالهداية وصدق الضراعة إلى الله لعلاج الْتواءات النفس البشريةِ، فثمت علاقةٌ وثيقةٌ بين الهدى وانشراح الصدر والحياة الطيبة، كما توجد نفسُ العلاقة بين الضلال وضيق الصدر والمعيشة والضنك، وتخيل الرجل أنه يفعل به من المنكَرات القبيحة وتنكَّب عن استقامة الفطرة، واتِّباع لخطوات الشيطان.

فالعلاج الناجع بحمل النفس على الأخلاقَ الكريمة، فالخُلُق والقِيَم والمشاعر منها ما هو فِطريٌّ، ومنها ما هو مكتَسَبٌ، بل إن الأخلاق أكثرها مكتسبة؛ قال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: "ومَن يسْتَعْفِفْ يُعِفَّه الله، ومَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِه الله، ومَنْ يتصبَّر يُصَبِّرْهُ الله، وما أُعطيَ أحدٌ عطاءً خيرًا وأوسعَ منَ الصَّبر"؛ متَّفقٌ عليْه، وروى البيهقيُّ في "شعب الإيمان" عن أبي الدرداء قال: "إنَّما العلم بالتعلُّم، والحلم بالتحلُّم، ومن يتحرَّ الخير يُعطَه، ومن يتوق الشر يُوقه".

فبالمجاهدة ومكابدة الصبر، تتعود الاستقامة، وليس ذلك مستحيلاً، فتكلف عدم الميل لتلك العادة الذميمة، حتى يكون طبعًا وسجية.

فليس من داء إلا وله علاج؛ كما في الصحيح عن جابر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لكل داء دواء"، فإنَّ الله أنزل الدَّاء، وأنزل الدَّواء، وجعل لكلِّ داءٍ دواءً؛ فتداوَوا؛ كما رواه أحْمد وأبو داود.

ودواء المعاصي والإصرار عليها بإخلاص الدين لله؛ فكثيرٌ مِن المخلصين يصرف اللهُ عنهم السوء والفحشاء بإخلاصهم، ونبيُّ الله يوسف - عليه وعلى أنبياء الله جميعًا الصلاة والسلام - كان مِن أولئك المخلصين؛ فكان يعبُد الله وحده، ولا يُشرك به شيئًا، وتوكَّل على الله سبحانه واستعان به في صَرْفِ كيد النساء وفتنتهنَّ، فاستجاب الله له، فصرف عنه الشر، إنه هو السميعُ العليمُ.

فالشيطانُ لا سلطان له على المؤمنين المتوكِّلين عليه سبحانه؛ قال تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ * إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ}[النحل: 98 - 100].

فالطريقُ إلى السلامة من شر الشيطان هو الالتجاءُ إلى الله بالتوحيد، والاستعاذة به معتمدًا بقلبك على الله في صَرْفِه، مجتهدًا في دفْع وساوسه وأفكاره الرديئة، ولْتُجاهدْ نفسَك في ذات الله؛ ليتحقَّقَ لك الشفاءُ؛ كما قال الله – تعالى -: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ}[العنكبوت:69].
وهذه الطَّريقة هي الَّتي سلكها النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - في علاج الانحِراف السُّلوكي المتمكِّن في النَّفس البشريَّة، بحيث يبْدو في ظاهر الحال أنَّه يستحيل العلاج؛ فقد روى أبو أُمامة أنَّ غلامًا شابًّا أتى رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقال: يا رسولَ الله، ائذن لي في الزِّنا، فصاح النَّاس، فقال: ((مَهْ))، فقال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((أقِرُّوهُ، ادنُ))، فدنا حتَّى جلس بين يَدَي رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقال له رسولُ الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: ((أتحبُّه لأمِّك؟)) قال: لا، قال: ((وكذلك النَّاس لا يحبُّونه لأمَّهاتهم، أتحبُّه لابنتِك؟)) قال: لا، قال: ((وكذلك النَّاس لا يحبُّونه لبناتهم، أتحبُّه لأختك؟)) قال: لا، قال: ((وكذلك الناس لا يحبُّونه لأخواتهم، أتحبُّه لعمَّتك؟)) قال: لا، قال: ((وكذلك النَّاس لا يحبُّونه لعمَّاتهم، أتحبُّه لخالتِك؟)) قال: لا، قال: ((وكذلك النَّاس لا يحبُّونه لخالاتهم))، فوضع رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يدَه على صدْرِه، وقال: ((اللهُمَّ كفِّر ذنبَه، وطهِّر قلبَه، وحصِّن فرجَه))؛ رواه أحمد والطَّبرانيُّ في "الكبير".

والحاصل أن الشَّرع الحنيف علَّم المسلم ألا يستسلِم للفساد الطارئ على الفطرة، ويعمل على تقويمها؛ فكلُّ مَنْ به خَصْلَةُ سوء، فهو مطالَبٌ بجهاد النفس على الخلاص منها، وَأَخْذِ النفس بالشدة والحزم، وَحَجْزِهَا عن غيِّها، وعدم الاسترسال معها، والعملِ على كل ما من شأنه أن يقويَ إيمانَه، من قراءة القرآن بتدبر، والمحافظة على الفرائض والسنن، مع إدمان الذكر، وقطع الطريق على النفس بقطع الخطرات وعدم الاسترسال معها، والتفكير بعواقب الأمور، فالحرام دائمًا يعقبه الحُزْنُ، والحرمانُ، وقسوةُ القلب، والفضيحةُ في الدنيا، وعلى رؤوس الأشهاد في الآخرة، وغيرُ ذلك من شؤم المعاصي.

ولتكثر من الدعاء النبوي: ((اللهم اغفر ذنبي، وطهر قلبي، وحَصِّنْ فرجي))، ((اللهم إني أعوذ بك من شر سمعي، ومن شر بصري، ومن شر لساني، ومن شر قلبي، ومن شر منيي))،، والله أعلم.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام