الصلاه بغير وقتها بدون أن اعرف
انا اسكن في مكان بعيد عن أي مسجد حتى انه لايصلني صوت الأذان وصليت الظهر ونويت انه حاظر وبعد أن أتممت الصلاه وجدت على الهاتف فد برنامج المؤذن انني كنت اصلي في وقت صلات العصر مع انني لم أكن أعلم في هذا عندما صليت الظهر هل هكذا صلات الظهر جائزه ام باطله؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فمن المقرر في الشريعة الإسلامية أنه لا يجب القضاء على من فعل مبطلاً وهو يجهل الحكم الشرعي؛ قال الله تعالى: {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} [الأنعام: 19]، والسنة المطهرة بينت أن من كان لا يعلم الوجوب لا قضاء عليه؛ ومن ذلك أن النبي لم يأمر الفاروق عمر وعمارًا رضي الله عنهما بإعادة الصلاة لما كانا جنبين، فلم يصل عمر، وعمار تمرغ كما تتمرغ الدابة؛ ظنًا منه أن التراب يصل إلى حيث يصل الماء، وكذلك المسيء في صلاته لم يأمره النبي بإعادة ما صلى قبل ذلك مع تركه للطمئنان، مع قوله ما أحسن غير هذا، وكذلك أخو بني عدي الأنصاري لما اشترى التمر الصاع بالصاعين، قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تفعلوا، ولكن مثلاً بمثل، أو بيعوا هذا واشتروا بثمنه من هذا، وكذلك الميزان"، ولم يرتب على ذلك حكم آكل الربا من التفسيق واللعن والتغليظ؛ لعدم علمه بالتحريم، وأيضًا لم يوجب على أسامة بن زيد قودًا ولا دية ولا كفارة لما قتل من قال: لا إله إلا الله.
ولم يأمر بالقضاء الذين أفطروا في رمضان وكانوا قد غلطوا في معنى قوله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ } [البقرة: 187]؛ كما في الصحيحين عن عدي بن حاتم رضي الله عنه، قال: لما نزلت: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة: 187]، عمدت إلى عقال أسود، وإلى عقال أبيض، فجعلتهما تحت وسادتي، فجعلت أنظر في الليل، فلا يستبين لي، فغدوت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكرت له ذلك فقال: "إنما ذلك سواد الليل وبياض النهار"، وزاد مسلم "إن وسادتك لعريض، إنما هو سواد الليل، وبياض النهار"
قال شيخ الإسلام ابن تيمية وهو يقرر تلك القاعدة في مجموع الفتاوى (3/ 287-288)
"... لم يأمرهم بالقضاء، والمسيء في صلاته لم يأمره بإعادة ما تقدم من الصلوات، والذين صلوا إلى بيت المقدس بمكة والحبشة وغيرهما بعد أن نسخت بالأمر بالصلاة إلى الكعبة، وصاروا يصلون إلى الصخرة حتى بلغهم النسخ، لم يأمرهم بإعادة ما صلوا وإن كان هؤلاء أعذر من غيرهم لتمسكهم بشرع منسوخ... إلى أن قال: والصحيح ما دل عليه القرآن في قوله تعالى {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا } [الإسراء: 15] وقوله: { لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء: 165]، وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أحد أحب إليه العذر من الله؛ من أجل ذلك أرسل الرسل مبشرين ومنذرين"، فالمتأول والجاهل المعذور ليس حكمه حكم المعاند والفاجر، بل قد جعل الله لكل شيء قدرا". اهـ.
إذا عرف هذا فصلاتك أداء وليست قضاء؛ لأن الوقت خرج بغير تعمد منك؛ وقد قال الله تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} [الأحزاب: 5]،، والله أعلم.
خالد عبد المنعم الرفاعي
يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام
- المصدر: