حكم من جهل أن الاستمناء يفسد الصوم

منذ 2020-10-14
السؤال:

الحمد لله الذي هداني ان ابتعد عن العادة السرية منذ زمن بعيد و لكن اليوم علمت انها تفطر في رمضان و بدأت اشك اذا فعلتها العام الماضي أو قبله في النهار تذكرت عن يوم واحد و لكن لا استطيع تذكر أكثر من مرة من جهة أخرى هناك صوت يقول ربما فعلتها كل يوم من أيام رمضان لا اتذكر!!!!!! ماذا علي

الإجابة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فالذي يظهر من كلامك أنك لم تكن تعلم إن العادة السرية لا تبطل الصوم، فإن كان كذلك فلا يجب عليك القضاء؛ لأن التكليف بالقضاء مشروط بالتمكن من العلم والقدرة على الفعل؛ قال الله تعالى: {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} [الأنعام: 19]، والسنة المطهرة بينت أن من كان لا يعلم الوجوب لا قضاء عليه؛ ومن ذلك أن النبي لم يأمر الفاروق عمر وعمارًا رضي الله عنهما بإعادة الصلاة لما كانا جنبين، فلم يصل عمر، وعمار تمرغ كما تتمرغ الدابة؛ ظنًا منه أن التراب يصل إلى حيث يصل الماء، وكذلك المسيء في صلاته لم يأمره النبي بإعادة ما صلى قبل ذلك مع تركه للطمئنان، مع قوله ما أحسن غير هذا، وكذلك أخو بني عدي الأنصاري لما اشترى التمر الصاع بالصاعين، قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تفعلوا، ولكن مثلاً بمثل، أو بيعوا هذا واشتروا بثمنه من هذا، وكذلك الميزان"، ولم يرتب على ذلك حكم آكل الربا من التفسيق واللعن والتغليظ؛ لعدم علمه بالتحريم، وأيضًا لم يوجب على أسامة بن زيد قودًا ولا دية ولا كفارة لما قتل من قال: لا إله إلا الله.

ولم يأمر بالقضاء الذين أفطروا في رمضان وكانوا قد غلطوا في معنى قوله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ } [البقرة: 187]؛ كما في الصحيحين عن عدي بن حاتم رضي الله عنه، قال: لما نزلت: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة: 187]، عمدت إلى عقال أسود، وإلى عقال أبيض، فجعلتهما تحت وسادتي، فجعلت أنظر في الليل، فلا يستبين لي، فغدوت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكرت له ذلك فقال: "إنما ذلك سواد الليل وبياض النهار"، وزاد مسلم  "إن وسادتك لعريض، إنما هو سواد الليل، وبياض النهار"

وفيهما عن سهل بن سعد، قال: " أنزلت: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة: 187]، فكان رجال إذا أرادوا الصوم ربط أحدهم في رجله الخيط الأبيض والخيط الأسود، ولم يزل يأكل حتى يتبين له رؤيتهما، فأنزل الله بعد: {الْفَجْرِ} [البقرة: 187]، فعلموا أنه إنما يعني الليل والنهار"، ولم يأمرهم بالإعادة؛ لعدم فقههم لمعنى الكلام.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية (21/ 634):

 "فمن استقرأ ما جاء به الكتاب والسنة، تبين له أن التكليف مشروط بالقدرة على العلم والعمل، فمن كان عاجزا عن أحدهما سقط عنه ما يعجزه ولا يكلف الله نفسًا إلا وسعها؛ ولهذا عذر المجتهد المخطئ لعجزه عن معرفة الحق في تلك المسألة، وهذا بخلاف المفرط المتمكن من فعل ما أمر به، فهذا هو الذي يستحق العقاب". اهـ.

إذا تقرر هذا؛ فإن كنت فعلت العادة السرية في نهار رمضان جاهلا بافسادها للصوم، فصيامك صحيح ولا يجب عليك قضاء تلك الأيام،، والله أعلم.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام