حكم تصرفها الزوجة فى راتبها بدون إذن زوجها

منذ 2020-12-27
السؤال:

ماحكم تصرف الزوجة فى مرتبها الخاص بدون إذن زوجها سواء بالعطية أو الصدقة لأهلها أو غيرهم حيث أنها تعمل فى عمل يستغرقها 10 ساعات عمل ل5 ايام

الإجابة:

الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ عَلَى رسولِ اللهِ، وعَلَى آلِهِ وصحبِهِ وَمَن والاهُ، أمَّا بعدُ:

فإن راتب الزوجة من حقٌّها تفعل بها ما تشاء من وجوه الخير، أو غيرها مما أباحه الله تعالى،  فكلُّ ما تتقاضاهُ الزوجةُ من راتبٍ، وجميعُ ما تملِكُ، فهو مِلْكٌ خاصٌّ بها، وليس من حقِّ الزوج أن يَتَسَلَّط عَلَى شيءٍ منه إلا بطيبِ نفسٍ منها؛ لقوله الله - عز وجل -: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} [النساء:4].

كما أن النفقة على الأبناء والزوجة يَتَحَمَّلُها الزوج وحد، فإذا فُقِدَ الأبُ، أمكن أن تنتقل نفقة الأولاد إلى أمهم - عَلَى خلاف عند أهل العلم - وقد تظاهَرَت عَلَى ذلك الأدلةُ من الكتاب والسنة قبل الإجماع؛ يقول الله - تعالى -: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوف} [البقرة:233]، وقال - تعالى -: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ} [الطلاق:7]، وروى البخاري أن هندَ بنتَ عُتْبَةَ قالت: يا رسول الله، إنَّ أبا سفيانَ رجلٌ شحيحٌ، وليس يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذتُ منه وهو لا يعلم، فقال - عليه الصلاة والسلام -: ((خُذِي مَا يَكْفيكِ وَوَلَدَكِ بِالمَعْرُوفِ)).

 

كما أن الزوجة ليست مطالبة بالخروجُ إلى العمل، ولا الإنفاقُ عَلَى الأولاد، ولكن إن فَعَلَت ذلك تَطَوُّعًا، وتَطْييبًا لخاطر زوجِكِ، وطلبًا لرضاه، فهو من الأعمال الصالحة

غير أنه يجب على الزوجة أن تتلطف مع زوجها وأن تراعي أحواله المادية، فإن كان في ضائقة أو يحتاج للمساعدة في نفقة الأبناء، فمن حسن العشرة أن تساعده؛ لأن ذلك يزيد من  استقرار الحياة الزوجية واستمرارها، وهو غايةٌ من الغايات التي حَرَصَ الإسلامُ عليها، وحث الناس عليها، وأمر الزوجين أن يحافظا على ما يضمن استمرارها، ويدعم استقرارها، ويقوي أواصرها، ولن يتأتَّى هذا إلا أن يَتَغَاضَى كلُّ واحد عن بعض حُقُوقه الخاصةِ، ويلتزمَ أداءَ بعضِ ما لا يجبُ عليه؛ فالحياةُ الزوجيةُ حبلٌ متينٌ، وميثاقٌ غليظٌ.

والزوجان لن يستقيم حالُهُما - سويًّا - بِأَداءِ الواجِبِ فقط، فلا بد من بذلِ شيءٍ من الفضل، وهذه هي المعاشرةُ بالمعروف؛ بل الصاحِبُ الذي هو نظيرُ الإنسان إن لم يعاوِنْهُ عَلَى مصلحةٍ، لم يكن قد عَاشَرَهُ بالمعروف، ومساعدة الزوجة لزوجها بجزء من راتبها أصبح من الأمور المتعارف عليها، وه بلا شك يوثِّق عُرَى الأُلفة، والمحبة، ويساعد على استمرارِ الحياةِ الزوجيةِ دُونَ مَشَاكِلَ،، والله أعلم.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام