هل يثبت دعاء: اللهم سلمني لرمضان وسلم رمضان لي..؟
حديث : ( اللَّهُمَّ سَلِّمْنِي مِنْ رَمَضَانَ، وَسَلِّمْ رَمَضَانَ لِي، وَتَسَلَّمْهُ مِنِّي مُتَقَبَّلًا). ليس له إسناد صحيح إلى النبي صلى الله عليه وسلم. لكن رُوي عن جمع من السلف أنهم كانوا يدعون بمثل هذا الدعاء
هل يصح الحديث التالي: عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلّم الصحابة رضي الله عنهم هذا الدعاء حين يقدم رمضان (اللهم سلمني لرمضان، وسلم رمضان لي، وسلمه لي متقبلا) ؟
الحمد لله.
روى الطبراني في "الدعاء" (912)، قال:
حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ بْنِ الصَّبَّاحِ الرَّقِّيُّ، حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْوَلِيدِ الْجَوْهَرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُنَا هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ أَنْ يَقُولَ أَحَدُنَا: «اللَّهُمَّ سَلِّمْنِي مِنْ رَمَضَانَ، وَسَلِّمْ رَمَضَانَ لِي، وَتَسَلَّمْهُ مِنِّي مُتَقَبَّلًا».
وجملة: (سَلِّمْنِي مِنْ رَمَضَانَ) وردت بصيغة (اللَّهُمَّ سَلِّمْنِي لِرَمَضَانَ) كما عند الذهبي في "سير أعلام النبلاء" (19 / 51)، ثم قال الذهبي رحمه الله تعالى:
"غريب، تفرّد به خلف." انتهى.
وأبو جعفر الرازي: هو عيسى بن ماهان؛ وهو متكلم في ضبطه وحفظه.
قال الذهبي رحمه الله تعالى:
"أبو جعفر الرازي عيسى بن ماهان.
وقد أورد له الجوزقاني من طريق سلمة الأبرش عنه حديثا عن قتادة عن الحسن عن الاحنف عن العباس مرفوعا: (لو دليتم بحبل إلى الأرض السابعة...) الحديث.
ثم قال: كان أبو جعفر ممن يتفرد بالمناكير عن المشاهير." انتهى من"المغني" (2 / 777).
وقال:
" أبو جعفر الرازي التميمي... قال أبو زرعة: يهم كثيرا، وقال النسائي: ليس بالقوي، ووثقه أبو حاتم." انتهى من"الكاشف" (2 / 416).
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:
" أبو جعفر الرازي التميمي...
صدوق سيء الحفظ." انتهى من"تقريب التهذيب" (ص 629).
وصالح بن كيسان لم يدرك عبادة بن الصامت.
قال الترمذي رحمه الله تعالى:
"وَصَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ لَمْ يُدْرِكْ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ، وَقَدْ أَدْرَكَ ابْنَ عُمَرَ." انتهى من"سنن الترمذي" (5 / 271).
وعبادة توفي قبل عقبة بزمن رضي الله عنهما.
وقد روي عن الحسن البصري مرسلا، رواه أبو بكر الشافعي في "الغيلانيات" (185)، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ أَبِي زُهَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ أَيُّوبَ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ قَالَ: «اللَّهُمَّ سَلِّمْهُ لَنَا، وَسَلِّمْهُ مِنَّا».
وكذا ورد هذا المتن في جملة خبر طويل رواه ابن أبي الدنيا في "فضائل رمضان" (20)، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ وَاقِدٍ، قال: حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، قَالَ:
(كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اسْتَهَلَّ هِلَالُ شَهْرِ رَمَضَانَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ بِوَجْهِهِ، ثُمَّ قَالَ: «اللَّهُمَّ أَهِلَّهُ عَلَيْنَا بِالْأَمْنِ، وَالْإِيمَانِ، وَالسَّلَامَةِ، وَالْإِسْلَامِ، وَالْعَافِيَةِ الْمُجَلِّلَةِ، وَرَفْعِ الْأَسْقَامِ، وَالْعَوْنِ عَلَى الصِّيَامِ وَالصَّلَاةِ وَتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ، اللَّهُمَّ سَلِّمْنَا لِرَمَضَانَ، وَسَلِّمْهُ لَنَا، وَتَسَلَّمْهُ مِنَّا حَتَّى يَخْرُجَ رَمَضَانُ وَقَدْ غَفَرْتَ لَنَا، وَرَحِمْتَنَا، وَعَفَوْتَ عَنَّا...».
وفي سنده بِشْرُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ، و بِشْرُ لم نقف له على ترجمة، وورد عند ابن عساكر باسم آخر، حيث روى في "تاريخ دمشق" (51 / 186)؛ عن ضمرة عن بكر ابن إسحاق عن فيروز عن جابر عن أبي جعفر محمد بن علي.
ولم نعرف من هو بكر بن إسحاق ولا فيروز.
وجابر بن يزيد الذي يروي عن أبي جعفر، هما اثنان أحدهما ضعيف وهو جابر الجعفي، والآخر صدوق وهو جابر العجلي.
كما أن الإسناد مرسل.
فالحاصل؛ أن هذا الحديث ليس له إسناد صحيح إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
لكن رُوي عن جمع من السلف أنهم كانوا يدعون بمثل هذا الدعاء؛ ومن ذلك ما رواه الطبراني بإسناد ظاهره الحسن، عن مكحول؛ حيث روى في "الدعاء" (913) عن الْهَيْثَم بْن حُمَيْدٍ، حدثنا النُّعْمَانُ بْنُ الْمُنْذِرِ، عَنْ مَكْحُولٍ: "أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ إِذَا دَخَلَ رَمَضَانُ: اللَّهُمَّ سَلِّمْنِي لِرَمَضَانَ، وَسَلِّمْ رَمَضَانَ لِي، وَتَسَلَّمْهُ مِنِّي مُتَقَبَّلًا ".
والله أعلم.
الإسلام سؤال وجواب
موقع الإسلام سؤال وجواب
- التصنيف:
- المصدر: