هل من ارضعت طفلة يحرم على ابن ضرتها
امرأة ارضعت طفلة خمس رضاعات مشبعات قبل ان تبلغ الحولين، ولهذه المرأة المرضعة ضرة، ولها ولد من نفس الزوج، فهل تعد الطفلة التي رضعت محرمة على ولد الضرة، وهل أم البنت المرتضعة تحرم على ولد الضرة؟
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فهذه المسألة تعرف عند أهل العلم بمسألة لبن الفحل، وهو زوج المرضعة، هو صاحب اللبن، أي من كان سببًا في وجود البن من المرأة، وهو ينشر الحرمة، فيحرم على صاحب اللبن من أرضعتها زوجته، وتحرم على أبنائه الذين من غير المرضعة؛ لأنهم إخوتها من الرضاعة، وتحرم على أبناء بناته من غير المرضعة؛ لأنهم أبناء إخوتها لأب من الرضاعة، ولو أرضعت إحدى زوجتيه ذكرًا والآخر أنثى، صارا أخوين لأب من الرضاعة، ويحرم التناكح بينهما، كما تحرم الرضيعة على آباء زوج المرضعة؛ لأنهم أجدادها من قبل الأب من الرضاعة، وعلى إخوته؛ لأنهم أعمامها من الرضاعة، وهكذا؛ والدليل على ذلك ما ورد في الصحيحين من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، قالت: "استأذن علي أفلح أخو أبي القعيس بعدما أنزل الحجاب، فقلت: لا آذن له حتى أستأذن فيه النبي صلى الله عليه وسلم، فإن أخاه أبا القعيس ليس هو أرضعني، ولكن أرضعتني امرأة أبي القعيس، فدخل علي النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت له: يا رسول الله إن أفلح أخا أبي القعيس استأذن فأبيت أن آذن له حتى أستأذنك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "وما منعك أن تأذني عمك؟"، قلت: يا رسول الله إن الرجل ليس هو أرضعني، ولكن أرضعتني امرأة أبي القعيس، فقال: "ائذني له فإنه عمك تربت يمينك"، قال عروة: فلذلك كانت عائشة تقول: "حرموا من الرضاعة ما تحرمون من النسب".
وروى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب".
جاء في "المغني" لابن قدامة (7/ 113-114): "(ولبن الفحل مُحَرِم)، معناه أن المرأة إذا أرضعت طفلاً بلبن ثاب من وطء رجل حرم الطفل على الرجل وأقاربه، كما يحرم ولده من النسب؛ لأن اللبن من الرجل كما هو من المرأة، فيصير الطفل ولدا للرجل، والرجل أباه، وأولاد الرجل إخوته، سواء كانوا من تلك المرأة أو من غيرها، وإخوة الرجل وأخواته أعمام الطفل وعماته، وآباؤه وأمهاته أجداده وجداته.
قال أحمد لبن الفحل أن يكون للرجل امرأتان، فترضع هذه صبية وهذه صبيًا، لا يزوج هذا من هذا؛ وسئل ابن عباس عن رجل له جاريتان، أرضعت إحداهما جارية والأخرى غلامًا، فقال: لا؛ اللقاح واحد، قال الترمذي: هذا تفسير لبن الفحل". اهـ.
إذا تقرر هذا، فلا يجوز للفتاة التي رضعت من إحدى زوجتي رجل أن تتزوج من ابن الزوجة الأخرى؛ لأنها أخته من الرضاع من جهة الأب، أي اخته لأبيه.
أما أم الفتاة التي رضعت فيجوز لها الزواج من ابن ضرة المرضعة؛ لعدم وجود سبب للتحريم من نسب أو رضاع،، والله أعلم.
خالد عبد المنعم الرفاعي
يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام