تحرشت باختي !!
إنني تحرَّشتُ بأختي جنسيًّا و هي نائمة، ولكن لأكونَ صريحًا معكم أن كلَّ تلك الأمور كانتْ مُداعَباتٍ سطحيَّة جدًّا، ولم يحدثْ أيُّ إيلاج أو ما شابه ذلك وقد تكرَّر هذا الأمرُ أكثرَ مِن خمسِ مرَّات في فتراتٍ متقطِّعة، ولكنني توقَّفت بعد ان عرفت بالامر لكنها لم تخبرني انها عرفت انما هو شك مني( و اعتقد ان امي تعرف ايضا و اخفت الامر كي لا يكبر الامر ) و انا نادم جدا انا مستحي جدا من طلب الاعتذار و اريد التوبة
الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ عَلَى رسولِ اللهِ، وعَلَى آلِهِ وصحبِهِ وَمَن والاهُ، أمَّا بعدُ:
فمما لا شك فيه أن جريمة التحرش بالنساء من أقبح الذنوب وأحقرها، ويزداد الجرم إثمًا إذا كانت المتحرش بها من المحارم؛ لأنه حينئذ جمع بين الجرم وخيانة الأمانة، واستبدال ما جعله الله للمحرم من الحفاظ على عرض محارمه إلى هتكه وتضيعه، والغدر بالأهل والأقارب، إلى غير ذلك مما حرمه الله.
والواجب عليك أن تتوب إلى الله توبة صادقة، بالندم والإقلاع عن الذنب، والعزم على عدم العود إليه، ومن شرط الإقلاع عدم الخلوة بها، والحذر من النظر إليها بشهوة.
وقد أوجب الله سبحانه التوبة على جميع عباده، ووعد عليها بتكفير السيئات، ومحو الذنوب، والعفو عن الخطايا؛ فقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} [التحريم: 8]، والتوبة النصوح: هي التوبة العامة الشاملة للذنوب، والاستمرار عليها في جميع أحواله، قال تعالى: {أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [التوبة: 104]، وقال سبحانه: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا* يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا*إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا } [الفرقان: 68 - 70].
وأرشد الله التائبين إلى الإكثار من الأعمال الصالحة، وسلوك طريق الهداية، والابتعاد عن أسباب الغواية؛ فقال سبحانه وقال تعالى: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} [طه: 82]، وقال سبحانه: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} [هود: 114].
فاحرص على أداء الفرائض في أوقاتها، وأكثر من فعل النوافل والأعمال الصالحة، خصوصًا الصيام، وقراءة القرآن بتدبر، وأكثر من الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، واستعن بالله تعالى أن يصرف عنك رجز الشيطان، ولتحذر من التمادي فيفضحك الله أمام أسرتك والمجتمع، فإن من سنن الله تعالى في خلقه أن العبد إذا اغتر بستر الله فتمادى، فضحه الله تعالى.
وتأمل ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية مجموع الفتاوى (15/ 292-293):
"أنَّ المؤمن بالله واليوم الآخر يفعل ما يحبه الله ورسوله، وينهى عما يبغضه الله ورسوله، ومن لم يؤمنْ بالله واليوم الآخر فإنه يتبِع هواه، فتارةً تغلب عليه الرأفةُ هوى، وتارةً تغلب عليه الشدة هوى، فيتبع ما يهواه في الجانبين بغير هدى من الله؛ {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ} [القصص: 50]، فإنَّ الزنا من الكبائر، وأما النظر والمباشرة فاللَّمَم منها مغفور باجتناب الكبائر، فإن أَصَرَّ على النظر، أو على المباشرة، صار كبيرة، وقد يكون الإصرارُ على ذلك أعظم مِن قليل الفواحش، فإن دوام النظر بالشهوة وما يتصل به من العِشق والمعاشَرة والمباشرة قد يكون أعظم بكثير من فساد زنًا لا إصرار عليه؛ ولهذا قال الفقهاءُ في الشاهد العدل: ألا يأتيَ كبيرةً، ولا يصرَّ على صغيرة، وفي الحديث المرفوع: ((لا صغيرة مع إصرار، ولا كبيرة مع استغفار))، بل قد ينتهي النظرُ والمباشرة بالرجل إلى الشرك، كما قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ} [البقرة: 165]، ولهذا لا يكون عِشْقُ الصور إلا مِن ضَعْف محبة الله، وضعف الإيمان، والله تعالى إنما ذكَرَهُ في القرآن عن امرأة العزيز المُشركة، وعن قوم لوط المشركين، والعاشق المتيَّم يصير عبدًا لمعشوقه، منْقادًا له، أسير القلب له". اهـ..
هذا؛ والله أعلم.
خالد عبد المنعم الرفاعي
يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام
- المصدر: