حكم الحيضة المتقطعة
تأتيني الدوره الشهريه يومين ثم يحدث جفاف تام لمدة يومين ثم ينزل دما قليلا لمدة يوم او اقل ويتبعه كدره وصفره ثم جفاف تام وبعد يوم او يومين ينزل نقطة دم يسير ثم ينقطع فماذا افعل في الطهر في وسط الحيض وكذلك الدم اليسير الذي ينزل في اخر يوم هل اعتبره حيض ام استحاضة
لحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فقد اختلف أهل العلم في حكم الحيضة المتقطعة كالمرأة إذا رأت يوماً دماً ويوماً نقاء والرحج الموافق للأدلة أن أيام الدم حيض، وأيام النقاء طهر؛ لأن الدم إذا دل على الحيض، وجب أن يدل النقاء على الطهر، وهو المشهور من مذهب الحنابلة أن الدم حيض والنقاء طهر إلا أن يتجاوز مجموعهما أكثر الحيض، وهو خمسة عشر يوماً، فيكون الدم المتجاوز استحاضة؛ واستدل الحنابلة بقوله تعالى: { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ } [البقرة: 222]، قالوا: فإذا ارتفع الأذى زال حكمه.
واحتجوا أيضًا بأثر ابن عباس، قال: "أما ما رأت الدم البحراني فإنها لا تصلي، وإذا رأت الطهر ساعة فلتغتسل ولتصلي".
وأما من جهة النظر؛ فإننا إنما حكمنا على المرأة بكونها حائضاً لوجود الدم، فكذلك نحكم على المرأة بالطهارة لانقطاعه، فإذا كان الدم دليلاً على وجود الحيض، فكذلك انقطاعه دليل على الطهارة.
مع ملاحظة أن المقصود بانقطاع ليس مجرد وقوف جريانه فقط، وإنما المراد أنها الدم الجفوف لو احتشت بقطنة في فرجها رجعت القطنة بيضاء، لا أثر فيها من صفرة أو كدرة، أما إذا عادت القطنة وفيها أثر صفرة أو كدرة أو نحوهما فلا يعتبر الحيض منقطعاً.
جاء في "المغني لابن قدامة" (1/ 226): "وأما الطهر في أثناء الحيضة فلا توقيت فيه؛ فإن ابن عباس قال: "أما ما رأت الدم البحراني فإنها لا تصلي، وإذا رأت الطهر ساعة فلتغتسل"، وروي أن الطهر إذا كان أقل من يوم، لا يلتفت إليه. لقول عائشة: لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء؛ ولأن الدم يجري مرة وينقطع أخرى، فلا يثبت الطهر بمجرد انقطاعه، كما لو انقطع أقل من ساعة".
وقال أيضًا (1/ 257): "فإن المرأة متى رأت الطهر فهي طاهر تغتسل، وتلزمها الصلاة والصيام، سواء رأته في العادة، أو بعد انقضائها، ولم يفرق أصحابنا بين قليل الطهر وكثيره؛ لقول ابن عباس: أما ما رأت الطهر ساعة فلتغتسل، ويتوجه أن انقطاع الدم متى نقص عن اليوم، فليس بطهر بناء على الرواية التي حكيناها في النفاس، أنها لا تلتفت إلى ما دون اليوم.
وهو الصحيح إن شاء الله؛ لأن الدم يجري مرة، وينقطع أخرى، وفي إيجاب الغسل على من تطهر ساعة بعد ساعة حرج ينتفي بقوله: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78]، ولأننا لو جعلنا انقطاع الدم ساعة طهرًا، ولا تلتفت إلى ما بعده من الدم، أفضى إلى أن لا يستقر لها حيض، فعلى هذا لا يكون انقطاع الدم أقل من يوم طهرًا، إلا أن ترى ما يدل عليه، مثل أن يكون انقطاعه في آخر عادتها، أو ترى القصة البيضاء، وهو شيء يتبع الحيض أبيض، يسمى الترية.
روي ذلك عن إمامنا، وروي عنه أن القصة البيضاء هي القطنة التي تحشوها المرأة، إذا خرجت بيضاء كما دخلت لا تغير عليها فهي القُصة البيضاء بضم القاف، حكي ذلك عن الزهري، وروي عن إمامنا أيضا.
وقال أبو حنيفة: ليس النقاء بين الدمين طهرًا، بل لو صامت فيه فرضا لم يصح، ولزمها قضاؤه، ولا يجب عليها فيه صلاة، ولا يأتيها زوجها، فيكون الدمان وما بينهما حيضا.
وهو أحد قولي الشافعي؛ لأن الدم يسيل تارة وينقطع أخرى؛ ولأنه لو لم يكن من الحيض لم يحتسب من مدته، ولنا قول الله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى}[البقرة: 222]، وصف الحيض بكونه أذى، فإذا ذهب الأذى وجب أن يزول الحيض، وقال ابن عباس: أما ما رأت الدم البحراني فإنها لا تصلي، وإذا رأت الطهر ساعة فلتغتسل. وقالت عائشة: لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء؛ ولأنها صامت وهي طاهر، فلم يلزمها القضاء، كما لو لم يعد الدم.
فأما قولهم: إن الدم يجري تارة وينقطع أخرى. قلنا؛ لا عبرة بالانقطاع اليسير، وإنما إذا وجد انقطاع كبير يمكن فيه الصلاة والصيام، وتتأدى العبادة فيه، وجبت عليها؛ لعدم المانع من وجوبها". اهـ.
إذا تقرر هذا، فإن الطهر الذي يتخلل الحيضة يعتبر طهرًا كاملاً، يجب عليك أن تغتسلي وتصلي وتصومي وغير ذلك مما تفعله الطاهرات، أما الدم اليسير الذي ينزل في آخر يوم للدورة فهو من الحيض إذا كان ذلك اليوم من أيام العادة، حتى يجف الدم،، والله أعلم.
خالد عبد المنعم الرفاعي
يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام
- المصدر: