حكم من ترك الذبح أيام التشريق

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبه ومن والاه، أما بعدُ:

فإن ذبح الهدي واجب على القارن والمتمتع باتفاق الفقهاء، ويجب أن يذبحه أيام النحر؛لقوله تعالى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: 196]؛ والقارن في حكم المتمتع.

ومن عجز عن الهدي فعليه صيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله، لقوله تعالى: { فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ} [البقرة: 196].

جاء في "المغني" لابن قدامة (3/ 411): "ولا نعلم في وجوب الدم على القارن خلافا، إلا ما حكي عن داود، أنه لا دم عليه.

والقارن متمتع بالعمرة إلى الحج، بدليل أن عليًا - رضي الله عنه - لما سمع عثمان ينهى عن المتعة، أهل بالحج والعمرة، ليعلم الناس أنه ليس بمنهي عنه.

وقد روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من قرن بين حجه وعمرته، فليهرق دما"؛ ولأنه ترفه بسقوط أحد السفرين، فلزمه دم كالمتمتع.

وإذا عدم الدم، فعليه صيام ثلاثة أيام في الحج، وسبعة إذا رجع، كالمتمتع سواء". اهـ. مختصرًا.

أما من فاته ذبح الهدي في وقته المشروع، فإنه يذبحه بعد ذلك إن تيسر، ويرسل إلى مكة من يشتري له هديًا ويذبحه.

جاء في "المغني" لابن قدامة (3/ 419): " فأما الهدي الواجب، إذا أخره لعذر، مثل أن ضاعت نفقته، فليس عليه إلا قضاؤه، كسائر الهدايا الواجبة.

وإن أخره لغير عذر، ففيه روايتان: إحداهما، ليس عليه إلا قضاؤه، كسائر الهدايا.

والأخرى، عليه هدي آخر؛ لأنه نسك مؤقت، فلزم الدم بتأخيره عن وقته، كرمي الجمار؛ وقال أحمد: من تمتع، فلم يهد إلى قابل، يهدي هديين، كذا قال ابن عباس". اهـ.

والذي يظهر أن من فاته ذبح الهدي في وقتهى أنه يجب عليه القضاء، ولا تجب الكفارة، وهو مارجحه الشيخ ابن باز كما في فتاواه حيث قال: "من فاتته الأيام ولم يذبح هديه إما عاجزًا، أو لم يحصل الدراهم إلا بعد الحج، أو ضل هديه ووجده فيما بعد، أو اقترض واشترى فإنه يذبح ولو بعد الأيام، كالقضاء". اهـ.

وقال الشيخ العثيمين في "فتاوى نور على الدرب" فيمن نسي أن يذبح الهدي وسافر عن مكة: يجب عليه الآن أن يبعث بدراهم إلى أحد يعرفه في مكة ليشتري له شاة ويذبحها هناك في مكة".

هذا؛ والله أعلم.