تاجيل حفل الزفاف بدون رضى الزوجة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته مشكلتي انه قد تم عقد قراني منذ عدة اشهر وانا وزوجي جاهزين للزواج لكن زوجي واهله يرفضون اقامة حفل الزفاف الان لان اخاه غائب ويشترطون حضوره ، ولن يكون هذا ممكنا الا بعد سنة فهل هذا مبرر شرعي وهل يفترض ان انتظر سنة كاملة ؟ وشكرا
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فقد دلت السنة المطهرة على البدار بالزواج، وعدم التأخير لمن قدر عليه؛ لما فيه من العفة للفرج، وغض البصر، وتكثير النسل، وغي ذلك من مَصالح الدين والدنيا؛ ففي الزواج صيانةٌ للنفس من الفتن، وتحصينٌ للفَرْجِ من الحرام، ومن ثَم أمَرَ به رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حين قال: ((يا معشرَ الشباب، مَن استطاع منكم الباءَةَ فلْيتزوَّج؛ فإنه أغضُّ للبصر، وأحصن للفَرْج، ومَن لم يستطعْ فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاءٌ))؛ متفقٌ عليه، وليس هذا خاصًّا بالرجال، بل الجنسان فيه سواء.
وأيضًا صحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إذا جاءكم مَن ترضون دينه وخُلُقه فأنكحوه، إلا تفعلوا تكنْ فتنة في الأرض وفساد))، فأمر الأولياء بالإنكاح إذا تيسر الخاطب الكفء للمرأة، الاسراع متى استطاع الزواج وقدروا عليه، للمصالح الكثيرة لا سيما في هذا العصر المليئ بالفتن؛ حتى غدا تأخيره من الضرر على الفتاة وعلى الشاب، ومن عجز عن الإسراع شُرع له الصوم، واتخاذ أسباب السلامة.
إذا تقرر هذا، فينبغي لأهل تلك الفتاة وأوليائها أن يتدخلو لاقناع أهل الزوج بالتغاضي عن اشتراط التأجيل كل هذه المدة الطويل، والعمل على البدار بالزواج عملا بسنة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وحرصاً على عفة الشباب والاستقامة، ودفعاً للفتنة والفساد؛ فتأجيل موعد الزفاف ليس حقًا خالصًا للرجل، وإنما هو حق مشترك للمرأة والرجل، كغالب الحقوق الزوجية.
فكثير من الناس يؤجلون الزواج لأمور يظنونها من الضروريات لإتمام الزواج، ولكنها في الحقيقة مجرد أمور جرى بها العرف، ويمكن الاستغناء عنها، وتستقيم الحياة بدونها، فالواجب ألا تقف هذه الأمور أمام تعجيل الزواج الذي يحقق المصالح العظيمة ويدفع المصائب الكثيرة ويحقق مراد الشارع الحكيم؛ قال تعالى: {وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}[النــور:32].
أما إن تعذر تعجيل الزواج، فعليك بالصبر وتغليب المصلحة، إلا إن كان التأخيره يؤدي إلى الوقوع في محرم فلا يجوز القبول بالتأخير، فمصلحة الدين مقدمة على مصالح الدنيا؛ لأن الزواج حينئذ من الواجبات؛ كما نصّ عليه الإمام ابن قدامة في "المغني" حيث قال: "والناس في النكاح على ثلاثة أضرب: منهم من يخاف على نفسه الوقوع في المحظور إن ترك النكاح فهذا يجب عليه النكاح في قول عامة الفقهاء؛ لأنه يلزمه إعفاف نفسه وصونها عن الحرام وطريقة النكاح". اهـ.
هذا؛ والله أعلم.
خالد عبد المنعم الرفاعي
يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام
- المصدر: