هل اكمل علاقتي مع فتاة غير مسلمة

منذ 2022-09-01
السؤال:

لقد قابل فتاتً علي التواصل الاجتماعي و كنت اتحدث معها كثيرا حتي اصبحنا نحب بعض و هي لست مسلمه بعد و لكن كنت اشعر ببعض الشهوه اثنا التحدث اليها و كنت احاول عدم التفكير في شهوتي و لكن في يوم من الايام لم استطع السيطره علي شهوتي و قمت بالعاده السريه و هي كانت تعلم و ارسلنا بعضنا البعض صوراً فاضحه لنا و لكن الان اريد التوبة الي الله سبحانه و تعالي و لكنني ايضا لا اريد ان اتوقف عن التحدث اليها و اريد ان ارشدها حتي تصبح مسلمة و اتمكن من تزوجها عندما اصل سن البلوغ فا هل يحق لي التكلم معها ام لا؟

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:

فمن المعلوم عند كل أحد أن مواقع التعارف والتواصل الاجتماعي، و"مواقع هواة التعارف"، أو "البحث عن شريك الحياة" أوكارٌ للمفسدين والمفسدات، الذين كل همهم هو الاصطيادُ في الماء العكر، وتضليلُ المغفلين والمغفلات، واللعبُ على عقولهم، وجرُّهم إلى الفساد والرذيلة؛ والواقعُ خيْرُ شاهدٍ على ذلك، فالشَّيطانُ يَجري منِ ابْنِ آدم مَجرى الدَّم، وقد حذَّر الله تعالى من اتِّباع خطوات الشيطان فقال الله سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} [النور: 21].

وحذَّرَنَا النَّبيُّ من التَّطلُّع للفِتَن؛ قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: ((ستكونُ فِتن، القاعد فيها خيرٌ من القائم، والقائمُ فيها خيرٌ من الماشي، والماشي فيها خيرٌ من الساعي، ومن يُشْرِف لها تَستشرفه، ومن وجد ملجأً أو معاذًا فليعذ به))؛ متفق عليه.

ويترتب على تعريض النفس للفتن، وعدم غض البصر، ومشاهدة الصور العارية، وغير ذلك مما حرمه الله هيجان الشهوة، ولا يخمد حر الشهوة ويطفئ لهيبها إلا بذكر الله سبحانه، والمواظبة على الصلاة؛ {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} [العنكبوت: 45]، وقال: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} [هود: 114].

إذا تقرر هذا؛ فالواجب عليك المبادرةُ بالتَّوبة إلى الله تعالى، وحقيقة التوبة: الندم على ما كان، والإقلاع في الحال، والعزم على عدم العودة في المستقبل، والتوبة مستحيلة بدون أركانها وشروطها، قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ } [البقرة: 222]، ومن تَمام توبتِك قطع أي علاقة مع تلك الفتاة وغيرها.

فحقيقة التوبة هي رجوع العبد إلى الله، ولا يحصل هذا إلا بهداية الله تعالى وإعانته إلى الصراط المستقيم، ولا يتصور هذا مع الإصرار على الذنب؛ لأن الإصرار ينافي قصد الهدى إرادته.

كما أن الإصرار على تلك العلاقة ولو بقصد الزواج معصية أخرى وهو أعظم من الذنب الأول بكثير؛ لأن الذنب الأول يوجب ذنبا ثاني أكبر منه عقوبة والثاني يوجب ثالثا والثالث يوجب رابعا وهكذا، حتى يستحكم الهلاك.

أما استمرار تلك العلاقة بزعم دعوة الفتاة للإسلام فمن تزين الشيطان لتستمر في العلاقة بها، وهو اشبه ما يكون بَلمعِ السراب؛ كَمَا قال تعالى: {كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا} [النور: 39]، فإن الله - تعالى - لم يَقُلْ يحسَبُهُ الرائِي، ولكن قال: الظَّمْآنُ؛ لأنَّ حاجَتَهُ إلى الماءِ أشدُّ، وَهُوَ عَلَى الماءِ أَحْرَصُ، وكذلِكِ الحالُ في التَّعَارُفِ عَلَى الإنترنتِّ، لا يُغْتَرُّ بِهَا وَيُتَرَدَّى فِي فِخَاخِهَا إلَّا مَعَ شِدَّةِ العَطَشِ المعنويِّ وهو حر الشهوة، فَيَتَوَهَّمُ ما لَا يَتَوَهَّمُ غيرُهُ؛ بِسَبَبِ ذَلِكِ العَطَشِ، فيقصِدُهُ لِيُزِيلَ ظَمَأَهُ، فَيَرْجِعُ بِخُفَّيْ حُنَيْنٍ، ثُمَّ يَندَمُ أَشَدَّ النَّدَمِ لَأَلَمِ الْفَوْتِ.

فاترُك هَذَا الطريقَ، واحذر حَبَائِلَ الشيطانِ التي يُزَيِّنُ بِهَا الحَرَامَ؛ لِيُوقِعَ الإنسانَ في الشَّرِّ، ويَصُدَّهُ عَن طَرِيقِ الخَيْرِ،، والله أعلم.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام