حكم العقد قبل التوبة ممن اختلى بها
تم عقد قراني بموافقة أسرتي مند شهرين بشخص كنت على علاقة معه و سيتم زفافنا بعد شهرين اخرين . وقد قمنا في فترة هده العلاقة قبل العقد بأمور تتعدى شرع الله, كالتلاقي, والخلوة, و الزنا في الفرج لكن بدون دخول أو ايلاج (ما زلت بكرا) - والعياذ بالله . سمعنا أن زواج الزنا باطل و لم نكن نعلم أنه وجب علينا التوبة قبل اقامة العقد . لكن الآن قد ندمنا على تلك الأفعال, واستغفرنا ربنا على ما فعلناه سابقًا, وأريد أن أسأل: هل هذا العقد يعتبر صحيحًا وشرعيًا بعد أن قام سابقًا على هذه العلاقة؟ أم يعتبر باطل؟
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فقد وصان الدين الإسلامي العظيم العلاقة الرجال والنساء من الوقوع في الحرام، فسدَّ كل الذرائع التي توصل إلى الحرام، وأخذ الطريقَ على المسلمين حتى لا يَقعوا في الحرام، فأَمَرَ بَغِضِّ البَصَر، وحرَّم الخلْوة والاختلاطَ بالأجنبية، وحرَّم إقامة علاقة بين الرجل والمرأة خارج نطاق الزوجية ولو بغرض الزواج، ومنع الكلام بين الجنسين إلا لمصلحة راجحة أو حاجة شديدة، ولا يكون ذلك إلا بضوابط، ومخالفة هذا التشريع في العلاقات بين الجنسين، هو السبب الرئيسي في الانحراف، والوقوع في الحرام، مع تزيَّن الشيطان؛ قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }[النور: 21].
أما عقد اقران قبل التوبة من تلك الأفعال التي لم تصل إلى الزنا فهو صحيح بغير خلاف أعلمه من الأئمة المتبعين؛ لأن أهل العلم إنما اختلفوا في الزواج من الزانية قبل التوبة، فصحح جمهور الفقهاء العقد، وذهب الحنابلة إلى أنه لا يجوز تزوجها إلا بعد التوبة.
هذا؛ ولتعلمي أن التوبةُ تمحو الذنوب، فكلُّ مَن تاب تاب الله عليه؛ كما قال تعالى {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: 110]، ومن ندم واستغفر غفر الله له ورحمه؛ قال تعالى: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} [طه: 82] وقال: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا} [نوح: 10]، والله عز وجل لا يتعاظمه ذنب أن يغفرَه لمن تاب، وتُكثرَا من الأعمال الصالحة، ومن الدعاء المأثور: اللهم إني أسألك الهدى والتقى، والعفاف والغنى، اللهم إني أعوذ بك مِن شر سمعي وبصري، وقلبي ومنيِّي، اللهم اغفرْ ذنبي، وطَهِّرْ قلبي، وحَصِّنْ فرجي.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى"(15/55): "فالعبد المؤمن إذا تاب وبدل الله سيئاته حسنات انقلب ما كان يضره من السيئات بسبب توبته حسنات ينفعه الله بها، فلم تبق الذنوب بعد التوبة مضرة له، بل كانت توبته منها من أنفع الأمور له، والاعتبار بكمال النهاية لا بنقص البداية". اهـ.
هذا؛ والله أعلم.
خالد عبد المنعم الرفاعي
يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام
- المصدر: