هل يوجد حور عين رجال للنساء كما للرجال
لسلام عليكم هل حور العين فقط للرجال بمعنى لايوجد للنساء حور عين رجال حتى لو كانوا يريدون ذلك؟ وهل يجوز للمرأه ان تتزوج اكثر من رجل بالجنه لو كانت تريد كما للرجل ان اراد؟وشكرا
الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:
فمن المقرر أنه لا ينعم في الجنة ولا يدخلها إلا نفس مسلمة مؤمنة، فينعمه الله تعالى بكل نعيم للروح والقلب والبدن، من المنازل الأنيقة، والرياض الناضرة، والأشجار المثمرة، والطيور المغردة المشجية، والمآكل اللذيذة، والمشارب الشهية، والنساء الحسان، والرجال المردان، والخدم، والولدان المخلدون، والأنهار السارحة، والمناظر الرائقة، والجمال الحسي والمعنوي، والنعمة الدائمة، وأعلى ذلك وأفضله وأجله، التنعم بالقرب من الرحمن، ونيل رضاه، وسماع كلام الرؤوف الرحيم، والتمتع برؤية وجه الله الكريم، الذي هو أكبر نعيم الجنان،ولولا رؤية الرحمن ما كانت الجنة تستحق هذا الخلود.
والمرأة تتمتع في الجنة كما يتمتع الرجل، فمن كتن ذات زوج في الدنيا ومات وهي في عصمته فإنها تكون زوجًا له في الجنة، وإن تزوجت غيره تكون للاخر منهم، ومن لم تتزوج فإنها تزوج بمن شاء الله تعالى لأنه لا يوجد في الجنة أعزب لا ذكرا ولا أنثى؛ كما في الصحيح عن أبي هريرة: عن رسول صلى الله عليه وسلم قال: "إن أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر، والتي تليها على أضوإ كوكب دري في السماء، لكل امرئ منهم زوجتان اثنتان، يرى مخ سوقهما من وراء اللحم، وما في الجنة أعزب؟"،
العزاب هم الذين لا أزواج لهم من الرجال والنساء؛ كما في لسان العرب.
فالجنة منزهة عن كل عيب ونقص؛ كما قال تعالى: {وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [الزخرف: 71]، وقال الله: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا * خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا} [الكهف: 107، 108]، وقال تعالى:{فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }[السجدة : 17].
ولكن ليس للمرأة أن تنكح غير زوجها وليس لها حور عين حتى وإن اشتهت في الدنيا أن يطأها غير زوجها؛ لأمور: منها: أن نساء الجنة قاصرات لا تبغي غير زوجها ولا تطمح ولا تشتهي سواه لعفتهن واكتفائهن بزوجها؛ كما وصفهن الله بهذا في قوله تعالى: {فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ} [الرحمن: 56].
قال شيخ المفسرين ابن جرير الطبري في تفسيره: قول تعالى ذكره: وعند هؤلاء المخلصين من عباد الله في الجنة قاصرات الطرف، وهن النساء اللواتي قصرن أطرافهن على بعولتهن، لا يردن غيرهم، ولا يمددن أبصارهن إلى غيرهم.
ثم روى عن ابن عباس: "بأنهن قصرن الطرف على أزواجهن فلا يردن غيرهم، وفي رواية عنه: لا يرين غيرهم والله ما هن متبرجات ولا متطلعات".
ومنها: أن الله يطهر المؤمن قبل دخول الجنة من الأدران؛ فالجنة هي دار السلام؛ لسلامتها من كل عيب وآفة وكدر وخبث، كما قال تعالى: {الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [النحل: 32]، فلن يدخلها أحد إلا وقد أصلحه الله، وطهَّره مِن كل صفة ذميمة وخُلُق مَشين، ويُهذِّبهم وينقِّيهم مِن أدران الدنيا وذلك قبل دخولها؛ لأنها لا يليق بها إلا الطيبون، وفي صحيح البخاري أنَّ أبا سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يَخلص المؤمنون مِن النار، فيُحبَسون على قنطرة بين الجنة والنار، فيُقصُّ لبعضهم مِن بعض مظالم كانتْ بينهم في الدنيا، حتى إذا هُذِّبوا ونُقُّوا أُذن لهم في دخول الجنة، فو الذي نفس محمد بيده، لأحدهم أهدى بمنزله في الجنة منه بمنزله كان في الدنيا))، والتهذيب: التنقية، ورجل مهذَّب؛ أي: مُطهَّر الأخلاق.
قال ابن القيم في "الوابل الصيّب": "أن تكون له - المسلم - ذنوبٌ وخطايا وأوْزار لَم يذهب عنْه أثرُها في هذه الدَّار بالتَّوبة والاستِغْفار، فإنَّه يحبس عن الجنَّة حتَّى يتطهَّر منها.
وإن لم يطهِّره الموقِف وأهواله وشدائدُه، فلا بدَّ من دخول النَّار؛ ليخرج خبثه فيها، ويتطهَّر من درنه ووسخِه، ثمَّ يخرج منها، فيدخل الجنَّة؛ فإنَّها دار الطَّيِّبين، لا يدخلها إلاَّ طيِّب؛ قال - سبحانه وتعالى -: {الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ المَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الجَنَّةَ} [النحل: 32]، وقال تعالى: {وَسِيقَ الَذينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الجَنَّةِ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ} [الزمر: 73]، فعقَّب دخولها على الطيب بحرف الفاء، الذي يؤْذِن بأنَّه سبب للدخول؛ أي: بسبب طيبكم قيل لكم: ادخلوها". اهـ.
ومنها: أن تفاصيل نعيم الجنة لا يعلم؛ لأنه من الغيب الذي نؤمن به، ولا يمكن تصوره تصورًا كاملًا، بخلاف ما يُفهم معناه من اللغة، ويُعرف؛ كما روي عن ابن عباس: "لَيْسَ فِي الجَنَّةِ شَيْءٌ يُشْبِهُ مَا فِي الدُّنْيَا إِلَّا الْأَسْمَاءَ"؛ رواه أبو نعيم في "صفة الجنة" (21 / 2)، والبيهقي، والضياء المقدسي في "المختارة"، وقال المنذري في "الترغيب والترهيب" (4 / 278): "بإسناد جيد"، وصححه الألباني في الصحيحة: (2188)، وقد أخبرنا النبي - صلى الله عليه وسلم – كما في الصحيحين عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((قال الله - تعالى - أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لاَ عَيْنٌ رَأَتْ، وَلاَ أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلاَ خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ، فَاقْرَءُوا - إِنْ شِئْتُمْ -: {فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ} [السجدة: 17])).
فما ورد من نعيم في الكتاب والسنة من العسل والأنهار والسرر والفُرُشِ والأكواب، وغير ذلك، تتفق في الأسماء، وتختلف في الحقائق، ففي الدنيا فواكهُ، ولحمٌ، ورمانٌ، ونخلٌ، وفي الجنة لحمٌ، وفواكهُ، ورمانٌ، ونخلٌ، وهذا غير ذاك.
ومنها: أن أمور الآخرة لا تقاس على أمور الدنيا، فقد تشتهي المرأة في الدنيا أشياء ولا تشتهيها في الجنة، وبالعكس، ونساء الدنيا لا تستقيم للزوجها عَلَى طريق، وإنما يستمتع بها عَلَى عِوَجٍ، أما نساء الجنة؛ فمطهَّرَاتٌ - {أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ} [البقرة: من الآية25] - من الحيض، والنفاس، والمني، والبول، والغائط، والمخاط، والروائحِ الكريهةِ، وليس فيهن عيبٌ، ولا دَمَامَةٌ، حِسَانٌ في الشكل، حِسَانٌ في الأخلاقِ؛ {حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ} [الرحمن:72]؛ لا يخرجن منها.
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ نِسَاءِ أَهْلِ الجَنَّةِ اطَّلَعَتْ إِلَى الأَرْضِ لَأَضَاءَتْ مَا بَيْنَهُمَا، وَلَمَلَأَتْ مَا بَيْنَهُمَا رِيحًا، وَلَنَصِيفُهَا عَلَى رَأْسِهَا خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا))؛ رواه البخاري،، والله أعلم.
خالد عبد المنعم الرفاعي
يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام
- المصدر: