هل منع الزوجة من الخروج من المنزل استبداد
زوجى ملتزم ولكن يمنعنى من الخروج تماما حرفيا ويقول أن هذا حقه ومزاجه وان له ان لا يسمح نهائيا وان يجب ان امشى على هواه وانا لا اخرج فى وقت يضره واريد ان اتعلم العلوم الشرعية المستحبة والجلوس مع صديقاتى وهن طيبات فهل هذا حقه وهل يأثم ام لا؟؟!!؟ وان كان حقه فكيف يقبل الدين شئ كهذا اليس هذا استبداد ؟!فأنا لا اضره حتى وهو يخرج مع اصدقائه كيف يشاء وهل هذا هو تكريم الإسلام للمرأة واعطاءها حريتها اين الحرية والتكريم فى منعى من صديقاتى وتعلم العلوم الشرعية واجرها كبير ولتنزه دون سبب ودون مراعاة لرغبتى
الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:
فمن الأمور البديهية في الحياة الإنسانية أن كل مؤسسة مالية أو صناعية أو تجارية أو غير ذلك، لا تقوم ولا تزدهر إلا بمن يديرها من الأكفأ المتخصصين والمدربين عملياً، فوق ما وهبوا من استعدادات طبيعية للإدارة والقوامة، والأسرة من أهم وأعظم المؤسسات، ومن ثمّ اقتضت حكمة الله تعالى أن يخص كلاً من الرجل والمرأة من الاستعدادات الفطرية والجسدية والنفسية والعقلية، ما يعينه على أداء الوظائف المنوطة به، والإحسان فيها.
ومن وظائف الرجل توفير الحاجات الضرورية والحماية وتدبير المعاش، إلى سائر تكاليفه في الحياة، ومن ثمّ منح الرجل من الخصائص في تكوينه العضوي والعصبي والعقلي والنفسي ما يعينه على أداء ذلك، بالخشونة والصلابة، وبطء الانفعال والاستجابة، واستخدام الوعي والتفكير قبل الحركة والاستجابة؛ لأن وظائفه كلها تحتاج إلى قدر من التروي قبل الإقدام وإعمال الفكر، والبطء في الاستجابة بوجه عام! وهذه الخصائص تجعله أقدر على القوامة، وأفضل في مجالها، كما أن تكليفه بالإنفاق يجعله بدوره أولى بالقوامة، لأن تدبير المعاش للأسرة داخل في هذه القوامة، والإشراف على تصريف المال فيها أقرب إلى طبيعة وظيفته فيها؛ والأسرة لا تسير بلا قوامة، وإذا هو هيىء لها بالاستعدادات الكامنة، ودرب عليها بالتدريب العلمي والعملي؛ قال الله تعالى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [البقرة: 228]، أي درجة القوامة، وقال سبحانه: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} [النساء: 34].
كما زودت المرأة في تكوينها العضوي والعصبي والعقلي والنفسي ما يعينها على أداء وظيفتها؛ {وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا}[الكهف: 49]، من سرعة الانفعال، وقرب الاستجابة والرقة والعطف، وسرعة الانفعال والاستجابة العاجلة لمطالب الطفولة- بغير وعي ولا سابق تفكير.
ولكن ما يخفى على كثير من الرجال والنساء على حد سواء أن قوامة الرجل ليس من شأنها إلغاء شخصية المرأة في البيت ولا في المجتمع، وإنما هي وظيفة داخل كيان الأسرة؛ لإدارة الأسرة وصيانتها وحمايتها، ووجود القيم في مؤسسة ما، لا يلغي وجود ولا شخصية ولا حقوق الشركاء فيها، والعاملين في وظائفها.
وإنما تكون الفتنة الكبيرة عندما تحسب الزوجة تصرفات الزوج على المنهج الرباني الفريد!
فالشارع الحكيم عندما حرم على الزوجة الخروج من بيْت زوجِها بلا إذنِه؛ إلاَّ لضرورة أو واجبٍ شرعي، لا يعني هذا تعنت الزوج في هذا الحق بل هي مسألة تنظيمية كما سبق بيانه؛ ومن تأمل حديث الصَّحيحَين عن ابن عُمر عنِ النَّبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((إذا استأْذنكم نساؤُكم باللَّيل إلى المسجدِ، فأْذنوا لهنَّ))، وفي لفظ: ((لا تَمنعوا النِّساءَ أن يَخرجن إلى المساجِد، وبيوتُهنَّ خيرٌ لهنَّ))، قال النووي: "واستدلَّ به على أنَّ المرأة لا تَخرج من بيتِ زوْجِها إلاَّ بإذنِه؛ لتوجُّه الأمر إلى الأزْواج بالإذن".
والله تعالى يجازي الزوجة على طاعته زوجها بالثواب الجزيل؛ كما في حديث عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها وحفظت فرجها وأطاعت زوجها، قيل لها ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت"؛ رواه أحمد.
وقال ابن قُدَامة في "المغني": "وللزَّوج مَنعُها من الخروج من منزله، إلَّا ما لها منه بُدٌّ، سواء أرادت زيارة والِدَيها، أو عيادتهما، أو حضورَ جنازة أحدهما، قال أحمد - في امرأةٍ لها زوج وأم مريضة-: "طاعةُ زوجها أوجب عليها من أُمِّها، إلَّا أن يَأذَن لها". اهـ.
أما السبيل الأفضل لعلاج تلك المشكلات، فبالحوار الهادئ والمثمر، والمعامَلة بالرفق واللين، والإحسان كلٌّ إلى الآخر، والتجاوُز عن الهفوات، مع ما أوجده الله من الرحمة والمودة بين الزوجين وأودعه في قلبيهما من العطف الذي يدفع كل واحد إلى التعلق بالآخر.
فإن احتدم الخلاف فلا مانع من تدخل بعض العقلاء أو أهل العلم؛ لرأب الصدع بينكما، فيسمعون منكما، وما تنقمين على زوجك، وبين لكما ما يجب على كل منكما تجاه الآخر،، والله أعلم.
خالد عبد المنعم الرفاعي
يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام
- المصدر: