هل أسافر للعمل وأترك أمي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته انا شاب عمرى 32عام خاطب اعيش مع أمى أريد أن اسافر إحدى الدول العربيه للعمل ولكى اساعد نفسي على تكاليف الزواج والمعيشه وأشعر أنى عبأ عليها ولكن أخشى أن أكون عاق لأمى أو اكون آثم لتركها بمفردها وتتأثر نفسيا وخاصة انها 65عام وهى و الحمدلله بصحة جيدة ولى اخوات بنات ثلاثة يتبادلون الزياره عليها،. هل تركى لها للسفر للعمل لكى اعف نفسى واساعد نفسى على الزواج وظروف المعيشة الصعبه عقوق لها أو اثم؟افيدونا شكر الله لكم وجزاكم الله خيرا
الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومن والاهُ، أمَّا بعدُ:
فإن بر الوالدين شأنُهُ عظيمٌ وثوابُهُ جزيلٌ، واللهُ - عز وجل - وهو من أفضل الأعمال بعد الإيمان بالله وأداء الصلاة المكتوبة.
والذي يظهر من سؤالك أنك في حاجة ماسة للسفر؛ لإعانة نفسك، كما أنه يوجد لديك ثلاث أخوات يقمن برعاية الوالدة، فلا بأس حينئذ من السفر لطلب الرزق؛ وقد نص الأئمة على جواز سفر الابن بدون إذن والديه لطلب الرزق؛ بشرط أن يكون السفر لا خطورة فيه عليه، وأن يكونا الوالدان غير محتاجين إليه.
قال الكاساني في - "بدائع الصنائع" (7/98) – في معرض حديثه عن كيفية فرض الجهاد -: "... وكذا الولد لا يخرج إلا بإذن والديه أو أحدهما إذا كان الآخر ميتًا; لأن بر الوالدين فرض عين، فكان مقدمًا على فرض الكفاية، والأصل أن كل سفر لا يؤمن فيه الهلاك, ويشتد فيه الخطر، لا يحل للولد أن يخرج إليه بغير إذن والديه; لأنهما يشفقان على ولدهما، فيتضرران بذلك, وكل سفر لا يشتد فيه الخطر يحل له أن يخرج إليه بغير إذنهما إذا لم يضيعهما; لانعدام الضرر, ومن مشايخنا من رخص في سفر التعلم بغير إذنهما; لأنهما لا يتضرران بذلك بل ينتفعان به, فلا يلحقه سمة العقوق". اهـ.
وقال السرخسي في "شرح السير الكبير": "وكل سفر أراد الرجل أن يسافر غير الجهاد لتجارة أو حج أو عمرة فكره ذلك أبواه, وهو لا يخاف عليهما الضيعة فلا بأس بأن يخرج; لأن الغالب في هذه الأسفار السلامة, ولا يلحقهما في خروجه مشقة شديدة, فإن الحزن بحكم الغيبة يندفع بالطمع في الرجوع ظاهرًا, إلا أن يكون سفرًا مخوفًا عليه منه نحو ركوب البحر فحينئذ حكم هذا وحكم الخروج إلى الجهاد سواء; لأن خطر الهلاك فيه أظهر". اهـ.
إذا تقرر هذا، فيجوز السفر لتحسين حالتك المادية إن كانت الوالدة غير محتاجين إليك، لكونها تقدر على خدمة نفسها، أو يوجد من يخدمهما غيرك، ولو لم تأذن لك في السفر، ولا يُعد ذلك من العقوق، ولكن يجب عليك بلا شك إرضاؤهما، وأن تبين لها المصالح التي في السفر بالنسبة لك، وأنك لن تضيعها، وأنك ستجلس قدر حاجتك، ثم تعود إليها، يمكن أن يذهب حزنُها لسفرك بمداومة الاتصال، وتوفير حاجاتها، واعتناء إخوانك بها،، والله أعلم.
خالد عبد المنعم الرفاعي
يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام
- المصدر: