حكم حضور الجمعة لمن وصل من السفر قبلها
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أسافر كل أسبوع إلى محافظة بعيدة للدراسة في الجامعة وأعود إلى المنزل نهاية الأسبوع(الجمعة) وأسافر مرة أخرى (الأحد) وأحيانا أصل منزلي قبل صلاة الجمعة بساعة أو ساعتين فهل أنا في حكم المسافر ويجوز لي ترك الجمعة أن يجب علي حضورها
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فإن صلاة الجمعة واجبةٌ على الرِّجال المقيمين القادرين على حضورها؛ قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} [الجمعة: 9]، وروي عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((من سمع النداء فلم يأته، فلا صلاة له إلا من عذر. قالوا: يا رسول الله، وما العذر؟ قال: خوف أو مرض)).
والتخلُّف عن الجمعة للمقيم الصحيح الآمن من غير عذْر شرعي كبيرةٌ من كبائر الذُّنوب، وقد ورد الوعيد الشَّديد على التخلُّف عن حُضور الجمعة؛ فقد روى مسلمٌ من حديثِ أَبي هُرَيْرة وابْنِ عُمر - رضِي الله عنْهُما - أنَّهما سمِعا النَّبيَّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - يقول: ((لينتَهينَّ أقوامٌ عن ودْعِهم الجمُعات، أو ليختِمنَّ الله على قلوبهم، ثمَّ ليكونُنَّ من الغافلين))، والسعي لصلاة إنما الجمعة يجب بالأذان الثاني، الذين يكون بين يدي الخطيب.
أما حكم السفر فينتهي بالقدوم إلى بلدك أو مدينتك؛ وهذا ما مضت به سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن من قدم المِصْر، فقدْ خرج عن حدِّ السَّفر، وترك الجمعة سببه السفر خاصة، فلا يجوز في غير السفر.
قال ابن قدامة في "المغني" شارحًا لقول الخرقي (وهذا الأذان الذي يمنع البيع، ويلزم السعي، إلا لمن منزله في بعد، فعليه أن يسعى في الوقت الذي يكون به مدركًا للجمعة): "فلأن الله تعالى أمر بالسعي، ونهى عن البيع بعد النداء... والنداء الذي كان على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو النداء عُقيب جلوس الإمام على المنبر، فتعلق الحكم به دون غيره... فأما من كان منزله بعيدًا، لا يدرك الجمعة بالسعي وقت النداء، فعليه السعي في الوقت الذي يكون به مدركًا للجمعة؛ لأن الجمعة واجبة، والسعي قبل النداء من ضرورة إدراكها، وما لا يتم الواجب إلا به واجب، كاستقاء الماء من البئر للوضوء إذا لم يقدر على غيره، وإمساك جزء من الليل مع النهار في الصوم، ونحوهما". اهـ.
هذا؛ والله أعلم.
خالد عبد المنعم الرفاعي
يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام
- المصدر: