حكم الإقامة في بلاد الغرب بسبب الحرب

منذ 2023-02-15
السؤال:

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته الصلاة والسلام على اشرف الخلق ونبي الله محمد صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبه اجمعين. حمدلله... هل يجوز ذهاب الى بلاد الغرب وفي بلدي الحرب وانا خارج بلد ما يقارب من 12 سنة انا مواطن سوري الجنسية وما يقارب سنة وخمسة اشهر عاطل عن العمل ولا اقدر ان اعمل في كل مجالات هل يجوز ذهاب الى بلاد الغرب مثل المانيا او غيرها وليس النية اخذ جنسيتهم او إبقاء طول حياتي فيها فقط لتيسير بعض أمور ان يفرجها الله علينا وجزاكم الله خيرا

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:

فإن كان الحال كما ذكرت، فيجوزُ لك السَّفَرُ لبلاد الكفار للحاجة الشديدة والمصلحة الراجحة؛ ولكن بشرط أن تأمن على دينك ونفسِك من فتن الشبهات والشهوات، وأن تتمكَّن من إقامة الشَّعائِر الدينيَّة كالصلاة والصيام، وأن تَأْمن على نفسِكَ من الوُقوع في المُنْكَرات.

جاء في "المغني" (9/ 294) لابن قدامة: "فَالنَّاسُ فِي الْهِجْرَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ؛ أَحَدُهَا، مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ، وَهُوَ مَنْ يَقْدِرُ عَلَيْهَا، وَلَا يُمْكِنُهُ إظْهَارُ دِينِهِ، وَلَا تُمْكِنُهُ إقَامَةُ وَاجِبَاتِ دِينِهِ مَعَ الْمُقَامِ بَيْنَ الْكُفَّارِ، فَهَذَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْهِجْرَةُ؛ لِقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء: 97] . وَهَذَا وَعِيدٌ شَدِيدٌ يَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ.

وَلِأَنَّ الْقِيَامَ بِوَاجِبِ دِينِهِ وَاجِبٌ عَلَى مَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ، وَالْهِجْرَةُ مِنْ ضَرُورَةِ الْوَاجِبِ وَتَتِمَّتِهِ، وَمَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ.

الثَّانِي: مَنْ لَا هِجْرَةَ عَلَيْهِ؛ وَهُوَ مَنْ يَعْجِزُ عَنْهَا، إمَّا لِمَرَضٍ، أَوْ إكْرَاهٍ عَلَى الْإِقَامَةِ، أَوْ ضَعْفٍ؛ مِنْ النِّسَاءِ، وَالْوِلْدَانِ، وَشِبْهِهِمْ، فَهَذَا لَا هِجْرَةَ عَلَيْهِ؛ لِقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {إِلا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلا} [النساء: 98] {فَأُولَئِكَ عَسَى اللهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللهُ عَفُوًّا غَفُورًا} [النساء: 99]، وَلَا تُوصَفُ بِاسْتِحْبَابٍ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مَقْدُورٍ عَلَيْهَا.

وَالثَّالِثُ: مَنْ تُسْتَحَبُّ لَهُ، وَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ؛ وَهُوَ مَنْ يَقْدِرُ عَلَيْهَا، لَكِنَّهُ يَتَمَكَّنُ مِنْ إظْهَارِ دِينِهِ، وَإِقَامَتِهِ فِي دَارِ الْكُفْرِ، فَتُسْتَحَبُّ لَهُ، لِيَتَمَكَّنَ مِنْ جِهَادِهِمْ، وَتَكْثِيرِ الْمُسْلِمِينَ، وَمَعُونَتِهِمْ، وَيَتَخَلَّصَ مِنْ تَكْثِيرِ الْكُفَّارِ، وَمُخَالَطَتِهِمْ، وَرُؤْيَةِ الْمُنْكَرِ بَيْنَهُمْ.

وَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ؛ لِإِمْكَانِ إقَامَةِ وَاجِبِ دِينِهِ بِدُونِ الْهِجْرَةِ؛ وَقَدْ كَانَ الْعَبَّاسُ عَمُّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُقِيمًا ب اهـ.ِمَكَّةَ مَعَ إسْلَامِهِ".

وعليه فلا بأس من السفر لأحد الدول الأجنبية مع مراعاة الشروط السابقة،، والله أعلم.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام